يكتسي شهر رمضان المبارك طابعا خاصا في كوت ديفوار، لا سيما في أبيدجان حيث يعيش أفراد الجالية المغربية شهر التقوى والخشوع وفق التقاليد والتضامن العريقين للمملكة.
ويعتبر شهر رمضان الفضيل حدثا بارزا بالنسبة للمغاربة المقيمين في أرض "أكوابا" (بمعنى مرحبا)، والذين يعتزون بانتمائهم لبلد عريق التقاليد الثقافية والروحية، ويتشبثون بأدق التفاصيل على مستوى الاستعداد ليمر شهر رمضان في أجواء مغربية مئة في المئة.
في ظل هذه الأجواء يؤكد مغاربة كوت ديفوار بالملموس أن اندماجهم داخل المجتمع الإيفواري يتم بيسر وبأريحية تامة، وأن أي إحساس بالإبعاد أو الغربة هو محض خيال في بلد تتعدد فيه الجنسيات ويسود داخله احترام "نموذجي" لخصوصيات المجموعات الدينية والعرقية، التي لا يحتاج واقع التعايش السلمي بينها إلى مزيد برهنة.
ويعد اندماج المغاربة في المجتمع الإيفواري، المعروف بترحابه وكرمه، نموذجيا بامتياز، ففي وقت الإفطار مثلا يستمتع المغاربة والإيفواريون بتقاسم أجمل اللحظات حول مائدة تملأها أطباق شهية من المطبخين المغربي والإيفواري والإفريقي عموما.
ويتميز هذا الجو بالبساطة والكرم وتواضع المغاربة الذين يعرفون بانفتاحهم وتشبثهم بمعيشهم اليومي وبتعاليم الإسلام المعتدل والوسطي الذي يدعو إلى التسامح والاحترام وحب الآخر، وخاصة النهوض بقيم التضامن والتعاون.
وفي أحد المطاعم المغربية بالعاصمة الاقتصادية لكوت ديفوار يمكن لأفراد الجالية المغربية أن يعيشوا بعضا من أجواء رمضان وفق الطقوس المغربية، حيث يحرص مسير المطعم، وهو شاب مغربي من مدينة مراكش معروف لدى مرتادي المطعم ب"السيمو"، على احترام التقاليد المغربية، إذ يضع رهن إشارة زبنائه المغاربة والإيفواريين أطباقا متنوعة ومتكاملة بدءا بالكسكس مرورا بالطاجين والمشوي و"الحريرة" المغربية، فضلا عن الشاي بالنعناع والأعشاب المستوردة من المغرب.
وفي إطار الحرص على إحياء شهر رمضان في جو تطبعه التقاليد المغربية، تقترح عدة نساء من ربات البيوت أطباقا تحت الطلب تتنوع بين الحلويات التقليدية وبعض أصناف الطبخ المغربي التي يتم إعدادها بشكل فني. وتساهم هؤلاء النسوة بشكل كبير من خلال أعمالهن في إشعاع تقاليد الطبخ المغربي وإحياء ثقافة وأعراف المغرب.
ويكثر لدى مغاربة أبيدجان، خلال هذا الشهر، تبادل الزيارات بين الأسر والأصدقاء والأقارب، حيث يجتمعون في كل مساء لتناول الإفطار أو بعد أداء صلاة التراويح لتقاسم لحظات الفرح والاسترخاء ملتفين حول كؤوس شاي بالنعناع مرفقة بالفواكه الجافة أو بعض الحلويات.
وتمثل الأجواء الروحانية جزءا من المشهد، فبعد الإفطار تمتلئ مساجد أبيدجان، حيث يضرب المصلون موعدا كل ليلة لأداء صلاة التراويح.
وتعكس هذه السلوكيات خصوصية الأجواء الرمضانية بأبيدجان والاندماج الكبير للجالية المغربية داخل المجتمع الإيفواري الذي يؤمن بالاختلاف ويجعل من احترام الآخر، في تقاليده وخصوصياته وأعرافه، شعاره وسر انسجامه وتماسكه وكذا تضامنه.
عن وكالة المغرب العربي للأنباء