صدر مؤخرا للكاتب محمد رضوان مؤلف جديد بعنوان "ذهنيات ومحكيات عن الإسلام في الغرب، فصول من المنافرة والمحاورة بين الغرب والإسلام".
ويسعى هذا الكتاب، الصادر عن دار نشر "كنوز المعرفة" بعمان (الأردن)، إلى تسليط الضوء على مواقف بعض التيارات الفكرية الغربية من الثقافة الإسلامية، وبعض الأطروحات القائلة بحتمية صدام الحضارات والثقافات، محاولا إبراز الجذور التاريخية لتعاطي هذه التيارات مع الفكر الإسلامي، والأسس المعرفية التي استندت إليها تلك الطروحات في قراءتها وتعاطيها مع الإسلام كدين وثقافة وفكر، مع التعريج على أسباب التطرف وتجلياته سواء لدى الغرب أو داخل البلدان الإسلامية.
وفي هذا الصدد، يوضح المؤلف في تقديمه لإصداره الجديد أن "الاضطرابات التي تعانيها اليوم عدة مناطق في العالم، سواء بالبلدان الإسلامية أو بأروبا وإفريقيا وآسيا، تشهد على مدى اكتساح الأفكار الجانحة، والمواقف المتصلبة، والرؤى المتطرفة"، مضيفا أن "دعاة الإقصاء والرافضين للآخر، (...) نجحوا في التأثير على عقول الأفراد والحركات والجماعات، وحتى على سياسات بعض الدول، فزادت أسباب النزاع وتصاعدت حتى تفجرت في كثير من ظواهر العنف والكراهية بين مجموعات وشعوب وثقافات".
وأشار إلى أن هذه الأفكار والسلوكات المتطرفة كانت السبب وراء "سقوط مئات الآلاف من الضحايا الأبرياء، الذين أزهقت أرواحهم بسبب هذا العنف المتوحش، الذي وجد من يضفي عليه شرعية مزعومة ومحبوكة في خطابات سياسية ودينية وإعلامية مضللة "، مؤكدا في الوقت نفسه أن "ظاهرة العنف والتوحش، التي أصبحت إحدى سمات وقتنا الحاضر، لا تنتشر فقط في ما بين المتغايرين ثقافيا أو حضاريا أو دينيا أو عرقيا، وإنما استشرت حتى بين المتجانسين في الثقافة والحضارة والدين وداخل البلد أو القطر الواحد".
وبعد استعراض الكانب لواقع الحال من تضارب للرؤى والأفكار وما نتج عنه من هيمنة عدد من الطروحات الإقصائية وغير المؤمنة بالحوار والتعايش، ذهب إلى تبيان رؤية الآخر للدين الإسلامي والثقافة الإسلامية، مشيرا إلى أن التيار المعادي للثقافة الإسلامية في الغرب " ليس وليد اليوم، ولا يتصل باضطراب العالم الجديد، وإنما هو موقف قديم يعود إلى مراحل السجال اللاهوتي والفلسفي المسيحي القروسطوي عن الإسلام للحد من انتشاره في مناطق نفوذ الكنيسة السابق بالشرق وشمال إفريقيا وبعض مناطق أروبا التي عرفت اكتساح الثقافة الإسلامية كما حصل في صقلية وشبه جزيرة إيبيريا".
وبالنسبة إليه، فإن الكنيسة وبعض المدارس الاستشراقية، والتراث الأدبي والفني الأوروبي، ووسائل الاتصال والإعلام في العصر الحاضر، شكلت "معاقل أساسية لترويج شبهات عن الثقافة الإسلامية، وإشاعة أحكام وصور سلبية نمطية عن العرب والمسلمين، فترسخت بذلك محكيات وخيالات وأوهام لا علاقة لها بحقيقة الإسلام والمسلمين، وظلت ثابتة في جزء مهم من الذهنية الغربية إلى اليوم".
فالكتاب، الذي يعرض ضمن فعاليات الدورة 22 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، هو قراءة تحليلية ومعرفية لمرتكزات التطرف في الثقافتين الغربية والشرقية، ومحاولة لرصد تأثيرات التيارات المنحرفة فكريا على العلاقات الدولية، وتهديداتها لأسس السلم العالمي ومرتكزاته.
ويتضمن هذا الإصدار، الذي عرض بعدة معارض دولية للكتاب منها على الخصوص القاهرة والدوحة والرياض، والذي يقع في 156 صفحة من القطع المتوسط، خمسة فصول تناولت مواضيع همت العلاقة بين المسيحية والإسلام في القرون الوسطى، والاستشراق والإسلام، والشرق الإسلامي والغرب المسيحي بين المواجهة والحوار، والعالم الإسلامي بين صدام الحضارات وحوار الثقافات، وثقافة الإقصاء والغلو الفكري ضد الإسلام في الغرب، والحضارة الإسلامية في عصر العولمة ومستقبل الإسلام في الغرب.
وقد سبق للباحث والصحافي المغربي، محمد رضوان، وهو حاصل على دكتوراه في العلوم السياسية، أن أصدر عدة مؤلفات قانونية وفكرية بالمغرب والخارج، منها " منازعات الحدود في العالم العربي" ( دار أفريقيا الشرق- 1999)، و"المبادئ العامة للقانون الدولي الإنساني والعدالة الدولية" (دار إفريقيا الشرق - 2010)، و"أوهام الغرب عن الإسلام" ( الدار البيضاء- 2013)، و"القدس الشريف في الاستشراق اليهودي" (الرياض- 2014).
عن وكالة المغرب العربي للأنباء