المغربية هدى بناني .. أول أجنبية تتوج أحسن باحثة بإيطاليا

السبت, 20 فبراير 2016

لم يخطر على بال عالمة النباتات المغربية هدى بناني، قبل ست سنوات، حينما غادرت المغرب، أنها ستتوج خارج وطنها بجائزة علمية رفيعة المستوى تتفوق من خلالها على أبناء دجوليو تشيزاري، حيث منحتها، مؤخرا، الهيئة الوطنية الإيطالية لوقاية النباتات لقب "أحسن باحثة في إيطاليا في مجال وقاية النباتات لسنة 2015"، لتكون بذلك أول أجنبية تحظى بهذا الاعتراف العلمي من لدن المؤسسة العلمية الآنفة الذكر، والتي احتفت بالعالمة المغربية بحضور مؤسسات علمية إيطالية ودولية، إضافة إلى فعاليات ثقافية وسياسية متميزة، وذلك خلال المؤتمر السنوي للهيئة، والذي حمل شعارا قريبا من مضمون البحث العلمي للمتوجة: "وقاية النباتات من أجل التغذية والطاقة".

الهيئة الوطنية الإيطالية لوقاية النباتات استندت، في تسمية العالمة المغربية هدى بناني بلقب أحسن باحثة في مجال اشتغالها، إلى نتائج البحث العلمي التي عرضتها في موضوع رسالة الدكتوراه: "فهم وتطوير ميكانيزم اشتغال الخمائر الطبيعية النافعة من جنس متشنيكويا وأوريوبا سيديوم"، التي تعيش على قشور الفواكه، والقادرة على محاربة الأمراض.

العالمة المغربية توصلت، طيلة ثلاثة سنوات من البحث المستمر، إلى طرق بيولوجية جديدة لمحاربة الأمراض التي تصيب الخضر والفواكه، كبديل للمواد الكيماوية التي تضر بصحة المستهلك والبيئة، وهو ما جعل بحثها العلمي يلقى كثيرا من التنويه الصادر عن كبار الباحثين بالهيئة الوطنية لوقاية النباتات، وأكاديميين باحثين في مجال الزراعة بمديرية الفلاحة التابعة لجامعة تورينو للدراسات.

وعن تفاصيل خلاصات بحثها، قالت هدى بناني، في حديثها لهسبريس، إن النتائج النهائية التي توصلت إليها تتعلق بـ"تحديد واستخراج الجينات المفيدة من الخمائر النافعة، من أجل استعمال الأنزيمات المتحصل عليها ضد الخمائر التي تصيب الخضر والفواكه"، ومن خلال التجارب المخبرية، كانت النتائج جيدة للغاية وأثبتت فعالية كبيرة لهذه الخمائر ضد أمراض تلحق أضرارا اقتصادية جسيمة، قد تؤدي إلى فقدان أكثر من خمسين في المائة من المحصول الزراعي، وأضافت المتحدثة نفسها أن أهم الأمراض التي توصلت إلى معالجتها عبر اكتشافها العلمي الجديد تهم على سبيل المثال، مرضي البينسيليوم إكسبنسوم، وبوتريتيس سينيغيا على التفاح ومرض منيليا على الخوخ والمشمش، وأشارت المتحدثة نفسها إلى أنها قامت باستخدام أحدث تقنيات المعلوميات في المجال البيولوجي المعلومياتي/ بيوإنفورماتيك.

عالمة النباتات هدى بناني ممتنة كثيرا لجامعة تويرينو للدراسات، وأصرت، في حديثها لهسبريس، على تقديم الشكر الجزيل إلى هذه المؤسسة الأكاديمية العريقة، عرفانا لها بكل الجهود والإمكانيات العلمية التي مدتها بها لتنفيذ مجموعة من الاختبارات عبر أحدث التقنيات المخبرية، والتي ناهزت تكلفتها ما يقارب 40 ألف يورو، في إطار شراكة مع مختبرات عالمية، مهتمة بعلم النبتات.

يقول بعض الحكماء إن الحظ حليف المجتهدين، ولأن هدى من هذه الطينة، فقد ساعدها اجتهادها بأن حظيت بفرصة تطبيق بحثها المتوج في جهة بيومونتي الواقعة شمال إيطاليا، والتي تتواجد على ترابها جامعة تورينو، وهي الجهة التي تعد في الصدارة على الصعيد الإيطالي من حيث تخزين وإنتاج التفاح، لذلك فالمنطقة تلقب بـ "طريق التفاح"، وتمتد على مسافة تناهز 63 كيلومترا من أشجار الفاكهة ما بين بلدتي "بيني رولو" و"كافور"، واللتان سيستفيد مزارعوها من نتائج البحث العلمي الجديد الذي توصلت إليه الباحثة المغربية.

وقد حظت هدى بناني بنشر خلاصات بحثها العلمي المذكور في مجلات علمية دولية رائدة في علم النباتات، نذكر منها "بلانيت باتولوجي"، و"إنترناسيونال أوف فود ميكروبيولوجي"، و"المجلة الدولية للتغذية والميكروبيولوجيا"، كما تم تقديم نتائج البحث في محافل عالمية؛ منها "الملتقى الدولي الثاني بتركيا/كوسداسي، لاكتشاف وتطوير التقنيات الحديثة في محاربة أمراض الفواكه بعد الجني"، و"الملتقى الدولي لأمراض النباتات بالصين"، و"ملتقى محاربة أمراض النباتات بأفينيون بفرنسا".

العالمة المغربية عرضت نتائج بحثها، خلال مناقشتها لرسالة نيل الدكتوراه، بحضور لجنة دولية تضم ممثلين من جامعات كوبنهاكن، وتولوز، وتورينو، وقد تمكنت من الحصول على أعلى تقييم.

اهتمام هدى بناني وحبها للبحث في عالم النباتات، والزراعة عموما، قد يفسره أيضا ارتباطها الكبير بالأرض، وهي التي تفتخر كثيرا بأصولها من سيدي بنور بجهة "دكالة"، ونشأتها بالقنيطرة جهة "الغرب"، وهما جهتان مشهورتان في المغرب بغناهما الزراعي.

قدمت هدى إلى إيطاليا للتحصيل العلمي في المجال الزراعي وكلها طموح للتميز والتفوق، حيث حصلت في سنة 2011 على جائزة أحسن رسالة ماستر في الزراعة البيولوجية، في إطار بحث أنجزته بشراكة مع معاهد متعددة بكل من إيطاليا وسويسرا.

انتقلت الشابة المغربية هدى إلى المهجر بالديار الإيطالية في أواسط عقدها الثالث، بعدما بدأت مسارها العلمي في الجامعة المغربية، فمباشرة بعد حصولها بثانوية مولاي يوسف بالرباط على باكالويا في العلوم الرياضية بميزة متقدمة سنة 2005، التحقت بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالعاصمة المغربية، ثم بالمركب الزراعي لأكادير جنوب البلاد، تخصص البستنة، لتنتقل فيما بعد شمالا، لكن هذه المرة خارج الحدود بإيطاليا، بعدما تم اختيارها لاستكمال دراسة الماستر بالمعهد الدولي للدراسات العليا بالبحر الأبيض المتوسط المتواجد مقره بباريس، والذي يضم تخصصات مختلفة بشراكة مع جامعات في عدة دول أوروبية مختلفة من بينها إيطاليا، الدولة التي اختارتها هدى "بعناية" كما قالت لهسبريس، وذلك بالنظر إلى السمعة العلمية التي تتميز بها الجامعة الإيطالية في مجال الزراعة، وتشجيعها الكبير للبحوث العلمية في مجال حماية النباتات من الأمراض الطفيلية.

هدى بناني، التي تعد نموذجا ناجحا للشباب العربي والمسلم من المهاجرين المقيمين بإيطاليا، اهتمت بها الكثير من وسائل الإعلام الإيطالية، بالنظر إلى التميز العلمي الذي حققته في صفوف أقرانها من الباحثين الإيطاليين. وعن سبب هذا النجاج والتفوق تقول محدثتنا: "إن العمل والاجتهاد المتواصل دون ملل ولا كلل من أجل الوصول إلى الهدف المرسوم هو مفتاح النجاح"، وفي كلمة وجهتها هدى للشبيبة، وخاصة المهاجرين بإيطاليا، قالت: "رسالتي للشباب بأن يعملوا على رسم أهداف واضحة في الحياة، ويدركوا أن الصعوبات جزء لايتجزأ من مسارنا نحو تحقيق الأهداف، لذلك يجب التحلي بالصبر، والعزيمة، والأمل".

عن موقع هسبريس

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+