داخل مقر أعرق الكنائس في مدينة "كامبردج" البريطانية، وقف الشاب المغربي أمين اليوسفي، الباحث في معهد "كامبردج" الإسلامي، ليحدث جمهورا من الطلبة والأساتذة والباحثين المعتنقين لمختلف الديانات والمذاهب، في رسالة وسمها "الرسالة المفتوحة".
مناسبة الخطاب كانت "أسبوع الإسلام كامبردج 2016" الذي تنظمه بشكل سنوي الجامعة البريطانية ويكون الإسلام محوره الأساسي، ويقول اليوسفي لهسبريس، وهو الذي يحضّر دكتوراه في المؤسسة البريطانية العتيقة، إن الفرصة أتيحت له ليكون "أول مغربي يخاطب أساتذة وطلبة كامبردج من ذلك المكان.. خاصة حين يكون محمد إقبال، (مفكر وشاعر هندي مسلم) رحمه الله، هو من سبقني إلى ذلك".
الباحث المغربي الشاب، الذي انتهى قبل أشهر رفقة باحثين بالجامعة من المساهمة في إطلاق بناء المقر الجديد لأهم مركز أكاديمي يهم دراسة العلاقات بين الأديان في بريطانيا والذي صفه بـ"الصرح المنفرد أوروبيا ودوليا"، يورد أن رسالته كانت موجهة "إلى كل من لديه ذرة من عدل وسط زمن الظلم والعبث.. وكل مؤمن أيا كانت ديانته، فليس المؤمن من يقول ها ديني، ولكن المؤمن من يقول ها عملي".
"كثير من المسلمين يعلمون آية: وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، أنها للتعارف وربط العلاقات مع الأديان الأخرى ويستعملونها لإظهار انفتاحهم على الحوار، ورغم أن كل الترجمات الإنجليزية للقرآن تستعمل معنى: معرفة بعضنا البعض.. لكن ليس هذا هو المعنى الصحيح"، يتحدث اليوسفي عن خطابه.
ويشرح المتحدث كيف أن رسالته بيّنت أنه "ليس من المنطقي أن يخلق الله الجميع للتعرف على بعضنا البعض، فهو أمر غير واضح، لأن الله يقول: إني جاعل في الأرض خليفة، أي خليفة للخالق، فالأمر يتعلق بالعمران والعمل على العمران، ولا يتعلق فقط بمعرفة بعضنا البعض"، مضيفا أن التعارف له صلة بالمعروف، "نحارب من أجل العدل ونقاتل من أجل الكرامة، وهذا هو المعنى الحقيقي لـ: لتعارفوا".
اليوسفي دعا إلى التحضير والعمل من أجل القيم، إذ "لا يهم إن كان من ملل وديانات ومرجعيات مختلفة.. فكثير من الرسائل كتبت في السابق بين علماء مسلمين ومسيحيين ويهود، للمناداة بالحوار بين الأديان، لكن أغلب هذه الرسائل كانت عن النقاط التي تجمعنا وأوجه الاشتباه بين الديانات الإبراهيمية الثلاث، أو عن الماضي المشترك في المرحلة الأندلسية والعثمانية.. ما عدا ربما رسالة واحدة اسمها الرسالة المفتوحة".
وكشف الباحث المغربي أن جامعة "كامبردج" البريطانية، احتضنت رسالة ينادي من خلالها علماء مسلمون ويهود ومسيحيون إلى الحوار، "على الأقل الرسالة تتحدث عن المشاكل الحالية وعن المسائل الجيوستراتيجية والسياسية التي طغت على الحوار بين الأديان"، معتبرا أن هذا النزاع "يشكل حاجزا جوهريا أمام الحوار.. علينا النظر إلى الواقع وزيارة الأماكن المقدسة لبعضنا البعض"، ليضيف: "تواجد مسلمين داخل كنيسة في كامبردج للاحتفال غير كاف".
اليوسفي حثّ على انخراط عملي بين الأديان، و"ليس فقط إلى الحوار بيننا.. حيث المسلمون والمسيحيون واليهود، بل وحتى الهندوس والبوذيون والملحدون، يناضلون من أجل الكرامة والعدل ويكونون صوت من لا صوت له"، مبرزا أن "الأمر يتعلق بالعمل وليس مجرد لقاءات.. فالظلم والفقر والاحتباس الحراري لا دين له"، لذا فهو يرى ضرورة تجاوز الحوار نحو مضاعفة اللقاءات والعمل الواقعي.
عن موقع هسبريس