من المتوقع أن يشكل ملف اللاجئين في ألمانيا ورقة هامة في انتخابات البرلمان الألماني (البوندستاغ) المقررة العام القادم.
وسيسعى حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المعادي لأوروبا واللاجئين فيها، لاستغلال قضيتهم لتعزيز فرص فوزه، في حين تستثمر المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وحزبها المسيحي الديمقراطي تناقص أعدادهم واندماجهم في المجتمع الألماني لصالح التصويت لها.
الجزيرة نت التقت أستاذ الاجتماع السياسي ودراسات الهجرة بجامعة هومبولدت بالعاصمة الألمانية برلين تيمو لوشوكي، ليتحدث عن ملف اللاجئين وأثره على المستقبل السياسي للمستشارة ميركل وحزبها خاصة، وعلى الحياة السياسية والديمغرافية في ألمانيا عامة.
ويرى لوشوكي أن نجاح ميركل يكمن في إبراز أهمية تطبيق اتفاقية اللاجئين مع تركيا، من خلال تقليص أعدادهم وإظهار أن ملفهم أصبح تحت سيطرة السلطات، وبالتالي الوفاء بالتزامها بتقليل أعداد طالبي اللجوء الذين تستقبلهم ألمانيا دون أن تغلق حدودها.
اتفاقية اللاجئين
وأضاف أن اتفاقية اللاجئين بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي، تظهر أننا أصبحنا في الطريق إلى نظام أوروبي متكامل لمواجهة أزمة اللاجئين وتداعياتها، وهذا في حد ذاته سيمثل نجاحا حزبيا وأوروبيا كبيرا لميركل، خاصة إذا استمرت أعداد اللاجئين في مستواها المنخفض خلال شهور الصيف القادمة.
وقال إن المواطنين بألمانيا كان لديهم مخاوف بشأن مدى سيطرة الحكومة على أوضاع اللاجئين وتسجيلهم، ويرتبط بذلك تأكيد الحكومة على إمكانية دمج اللاجئين بسوق العمل، وهذا من شأنه تحقيق مناخ من الارتياح في البلاد.
أما الأمر المهم في هذه الملف -يضيف لوشوكي- فهو المرتبط بتعزيز الهدوء السياسي والمجتمعي الحالي، من خلال السيطرة على الوضع الأمني، وعدم حدوث اعتداء إرهابي فوق الأراضي الألمانية، "ومسألة حدوث اعتداء إرهابي بألمانيا ستكون المحدد خلال السنتين القادمتين، لاستمرار هدوء الجدل حول اللاجئين أو تفاقمه".
هاجس انتخابي
وتوقع أن يمثل ملف اللاجئين هاجسا في الانتخابات القادمة، من خلال تساؤلات المواطنين عن القوانين التي أصدرتها الحكومة لاستقبالهم، ومدى نجاحها في إدماج مليون لاجئ بسوق العمل، وهل الاقتصاد الألماني قادر على استيعاب هؤلاء، لكنه عاد ليؤكد أن "حدوث اعتداء إرهابي من شأنه خلط الأمور من جديد".
وبشأن تقدم حزب البديل في استطلاعات الرأي، قال لوشوكي إن هذا الحزب لا يكسب بالضرورة لأن الألمان ضد اللاجئين، وإنما لأن المواطنين يقولون إن حكومة ميركل كذبت عليهم بادعائها أن أعداد اللاجئين ستتراجع وأنها ستنجح في دمجهم، لكن إذا استعادت ميركل ثقة المواطنين فإن التصويت سيكون لصالح حزبها وغيره من الأحزاب الشعبية.
وفي موضوع التحدي الديمغرافي في البلاد، يقول أستاذ الاجتماع الألماني إن هناك إجماعا على أن التحدي الديموغرافي واقع مستمر ويجعل البلاد بحاجة ملحة إلى مهاجرين، لكن الجدل الحالي يدور حول ما إذا كان اللاجئون القادمون مناسبين لسوق العمل أم لا، وأوضح أن المجتمع الألماني يؤيد استقبال اللاجئين لأنه يرى فيه التزاما أخلاقيا، كما تظهر التقديرات حاجة البلاد إلى نحو نصف مليون من الأيدي العاملة الوافدة سنويا، وهناك اتفاق بين الأحزاب على أن استقبال اللاجئين فيه فائدة للبلاد.