كثير من مغاربة الخارج يسعون إلى أن يكونوا سفراء لبلادهم، ويعمدون إلى تمثيله على أحسن وجه، وتقديم صورة مشرفة عنه؛ وهو ما قام به الشرطي المغربي في لندن محمد الغزيلي، حين أصبح أيقونة للشرطي الكفء والجدي في عاصمة الضباب، واستطاع بذلك نيل شهادة تكريمية تنوه بـ"شجاعته ومهنيتيه وكفاءته وجديته"، وفق الوثيقة الممهورة بتوقيع عمدة لندن، وبحضور القنصل المغربي.
"لطالما كنت فخورا بانتمائي إلى المغرب، وأسعى في جميع المناسبات إلى أن أفصح عن جنسيتي المغربية. وأعتقد أن أي مواطن يجب أن يكون سفيرا لبلده"، يقول الغزيلي، في حديثه لجريدة هسبريس الإلكترونية، متابعا بنبرة لا تخلو من ثقة: "أحاول أن أعطي الصورة الحقيقية للمغربي الذي يمكن أن يكون مكمن ثقة وكفاءة ونزاهة، كما أعمل على أن أقدم المساعدة لكل المغاربة المقيمين بلندن، وأسعى إلى خدمتهم حسب المستطاع".
وعن أسباب تكريمه في مارس 2015، أوضح المهندس المعماري في مجال المعلوميات في جهاز الشرطة البريطانية أن الفضل يعود لتمكنه من إفشال عملية سرقة مجوهرات بقيمة 125 مليون سنتيم، تعود ملكيتها لأميرة سعودية، موضحا أنه كان يرتشف قهوته يوما خارج أوقات دوام عمله، حين اصطدم به أحد المهاجرين وهو يحمل حقيبة دون أن يقدم اعتذارا أو ينبس بكلمة، في حين بدا عليه التوتر؛ وهو ما جعله يتعقبه ويطارده إلى أن ألقي القبض عليه وبحوزته الحقيبة وبداخلها المجوهرات ومبلغ مالي مهم، لينال شكر الأميرة ووالدها وتكريم المدينة بأكملها.
الشرطي المغربي المسلم أكد أن تكوينه رفقة جميع الملتحقين بالجهاز الأمني في بريطانيا يلزمه باحترام اختلاف الديانات والأعراق والميولات الجنسية، مؤكدا أن عقوبات صارمة قد تصل حد السجن والطرد من العمل في حال تأكد ممارسات عنصرية تجاه المواطنين، "حتى السجناء داخل أقسام الشرطة يتم احترام دياناتهم، فلا بد في قسم شرطة من تواجد مكان للصلاة، مع إشارة إلى اتجاه القِبلة".
وأبرز الغزيلي، الذي يؤم المصلين المسلمين من الشرطة يوم الجمعة، ويلقي فيهم الخطبة داخل مقر الشرطة بلندن، أن بريطانيا لا تحترم فقط اختلاف الديانات، بل تعدت ذلك إلى تطبيق التعاليم الإسلامية، وتنفيذ كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في ضرورة التيسير على الآخر، وعدم التمييز إلا بالتقوى.
"لدينا مساجد في جميع "الكوميساريات"، وهناك تعليمات بعدم التضييق على المسلمين أثناء أعيادهم الدينية وخلال شهر رمضان مثلا" يقول الغزيلي.
ويحكي الشرطي ذاته كيف أن مسؤولة كبيرة في جهاز الشرطة استدعته خلال شهر رمضان، وأخبرته بأنها تعلم بصيامه، باعتبار أن لها أصدقاء مسلمين، مشددة على أن بإمكانه أخذ قسط من الراحة والتوجه نحو منزله في حال شعر بالإعياء، بسبب انخفاض معدل السكر في الدم بعد ساعات طويلة من الصيام.
المتحدث عاد ليؤكد ضمن كلامه للجريدة أنه من الضروري على كل مغربي في دول الخارج أن يشتغل بجد وبأخلاق، قائلا: "أسعى جاهدا إلى إعطاء صورة متميزة عن المغرب، وأتحدث دوما لأصدقائي البريطانيين وغيرهم عن طبيعته ومناطقه السياحية ومطبخه الشهير وكل الجمال فيه، وأخبرهم عن إفران وأكادير والرباط وطنجة ومميزات كل مدينة، ولا أنسى أن أثني على أمانه وقدرته على صد الهجمات الإرهابية".