السبت، 23 نونبر 2024 08:05

لم تكن نادية الخدايدي تخال، وهي وسط بيئة استقرارها الأصلية بشمال المغرب، أنّها ستغدو مسؤولة رفيعة المستوَى ببلد يبعد عنها بآلاف الكيلومترات في الضفّة الشماليَّة من البحر الأبيض المتوسّط.. لكنّها كانت تدرك بأن نواة التربية التي تلقتها وسط أسرتها قد زرعت في نفسها بذرة الإصرار والطموح الذي لا ينضب.. بينما صارت اليوم أكثر اقتناعا بكون الطامحين في غد أفضل سيلاقونه بأي بيئة تموقعوا وكيفما كانت الصعوبات التي تحاول إسقاطهم.

نادية والهجرة

ولدت نادية الخدايدي في بداية سبعينيات القرن الماضي بمدينة طنجة، وبذات عاصمة البوغاز استقرّت لـ17 عاما راكمت خلالها مشوارا دراسيا لم يتخطّ الطور الإعداديّ، غير أنّها فعّلت هجرة مبكرّة صوب الديار الإيطاليَّة كتتويج لتنقل شرع ضمنه بغرض سياحي قبل أن يصير استقرار وصل هذه السنة إلى حوله الـ29.

حزمت نادية حقيبتهما من أجل زيارة أختها التي كانت قد هاجرت سلفا صوب رُوما، مصحوبَة في هذا السفر بأمّها، غير أن الخدايدي وقعت في حبّ من أوّل نظرَة تجاه العاصمَة الإيطاليَة، لتقرّر الاستقرار بها دون نسيان أصولها وما عاشته من زمن وسط البيئة الطنجاوية التي وفدت منها.

"كان كل الأقربين منّي ومن أمِّي، وهم إخوتِي، متواجدين بإيطاليا.. وبذلك استسهلت بيئتي الجديدة لكوني أتوفر بها على معارف أكثر مما حضيت به في طنجَة.. فقد كان أبي متوفيا ولا علاقة لي بأقاربي من جهته، كما أن عائلتي من ناحية أمِّي لم تكن لي بهم علاقة من الحجم الذي يشدّني إلى تفضيل بيئتي الأصل على تواجدي وسط الهجرة.. غير أن رحيلي لم يكن هروبا ولا بحثا عن العيش اليسير" تقول نادية ضمن لقائها بهسبريس.

شقّ الطريق

شرعت نادية الخدايدي، بُعيد وقت يسير من استقرارها بروما، في دراسة اللغة الإيطالية وسط مركز مختصّ، وذلك في مسعَى للتغلّب على جهلها الكلّي بلسان فضاء عيشها الجديد.. وبعدها عاودت شق طريقها من بوابة الدراسة وهي تعاود التعلمّ بالطور الإعدادي فالثانويّ، وصولا إلى المرحلة الجامعيَّة ونيلها شهادة ماجستير.

بعد مرحلة التكوين اضطرّت نادية إلى الاصطدام بالواقع الأليم الذي واجهته حين بحثها عن فرص عمل تظاهي طموحاتها.. وعن تلك الفترة تورد لهسبريس: "لم يكن ذلك سهلال بالمرّة، حيث ينبغي التوفر على مستوَى دراسي يجاوره وعي قانوني بالحقوق والواجبات المقترنة بالمجتمع المستقبل للهجرة، وذلك لنيل فرص من الحجم المبتغَى والحضي بعيشة جيدة.. لقد عملت بالقطاعين الخاص والعام إلى أن أفلحت في تحسين وضعيتي بدوام البحث عن الأفضل".

وتعتبر ناديَة، بناية على عصارة تجربتها التي بلغت عقدها الثالث وسط الاغتراب، أن العيشة كمتأصلة من خيار هجرة في إيطاليا لا تعادل حالات قد تكون مماثلة ببلجيكا أو فرنسا أو إسبانيا.. "المجتمع الإيطالي ما زال لم يعِ بعد كيفية التعامل مع المهاجرين بفعل قوة تأثير الصور النمطية التي تقترن بمخياله منذ سنين طويلة" تضيف الخدايدي.

الأزياء والوقاية المدنيّة

عملت نادية الخدايدي بعدد من المرافق، كانت منها سنتان قضتهما كبائعة بمحلّ تجاري راق للأزياء النسائيّة، وبعدها اشتغلت كسكريتيرة ملمّة بالأعمال المكتبيّة.. كما خضعت لتكوين من ستّة أشهر كي تتحوّل إلى عارضَة أزياء محترفة.. غير أن عدم اقتناعها بأدائها الذي لا يوازي طموحاتها دفعها لمعاودة البحث عن ذاتها من جديد وسط فرص عمل بديلة.

اجتازت الخدايدي، بفعل تحصلها على الجنسيّة الإيطاليّة، مباراة تميزت ضمنها كي تغدو موظفة لدَى الدولة.. ثمّ أخذت في مراكمة النجاحات وتطوير الطموحات إلى أن أضحت واحدة من مسؤولي جهاز الوقاية المدنيّة الإيطاليَّة الذي يقترن مباشرة برئاسة الوزراء في البلد الأوروبي الذي تستقر به.

"أي باحث عن مستقبل أفضل سيجده" تورد نادية ضمن لقائها بهسبريس وسط روما قبل أن تضيف: "عملي الحالي ضمن الوقاية المدنية الوطنية هو وسط مكتب العلاقات الدوليّة، ما يجعلني مخاطبا للوفود والهيئات الدولية، ومن بينها السفارات، زيادة على العلاقات التي تضمّ الجهاز بعدد من المؤسسات الخارجيّة".

وتزيد ذات المغربية الإيطاليّة: "من بين مهامي يكمن التنسيق مع السفارات المعتمدة بروما في حالات الخطر، كما أتواصل مع سفارات البلدان التي لنا معها علاقات تعاون، ومن بينها يكمن المغرب الذي لديه اتفاقية تعاون تجمع قيادية جهاز الوقاية المدنية بالرباط مع نظيرتها في رُومَا.. زيادة على مهام للاشتغال مع الاتحاد الأوروبي ومكاتب لهيئات دوليّة تلج ضمن اختصاصي بهذا العمل الذي أعتبره مهما ويعجبني بالرغم من صعوبته التي تأخذ الكثير من وقتي".

معاودة اكتشاف

يعجز لسان نادية الخدايدي عن وصف علاقتها بالمغرب، مكتفية بالقول إنها علاقة وجدانية عميقة تجعلها تجاهر بكونها مغربية حتّى النخاع بالرغم من نيلها الجنسية الإيطالية وما يرافقها من حقوق للمواطنة بهذا البلد الأوروبيّ الذي شدّها إليه منذ أول وصول لها نحو ترابه قبل 29 عاما.

"منذ 4 سنوات وأنا أواظب على قصد بلدي المغرب من أجل السياحة، ويتم ذلك بمرافقتي من طرف زوجي وابني، حيث أضحيت أراه بعيون أخرَى عقب طول نظري إليه بقلبي.." تقول نادية ثم تسترسل: "لا أقصد المغرب من أجل تملّك عقارات، بل أعاود اكتشافه إلى حدّ تفكيري في زيارة مدن أخرى غير التي دأبت على قصدها من أجل الوعي بانتمائي الأصليّ".

وتفاخر الخدايدي بدأب الإيطاليّين الذين قصدوا المغرب على الحديث عن المملكة بكثير من الإعجاب وسط الفضاءات الخاصّة والعامّة.. فيما تبدي هي دأبها على متابعة المستجدّات التي يعرفها الوطن، بتركيز على المستويين التشريعي والسياسي، عن طريق تتبع ما يثار عن ذلك وسط المنابر الصحفية المهتمة بالشؤون المغربيّة.

كفاءة مقابل النجاج

تقول نادية إن الشباب المغاربة الراغبين في الخطو ضمن مسارات للهجرة بغرض ملاقاة نجاحات مفتقدة بالمغرب، وخصوصا الراغبين منهم في قصد إيطاليا، مدعوّون إلى ضبط لغة التواصل المتعامل بها وسط بلد الاستقبال المرغوب فيه، مع مزاوجة ذلك بالتوفر على كفاءة عالية ومدارك ثقافية واسعة.

وتزيد الخدايدي ضمن لقاءها بهسبريس قولها: "الحاجة اليوم بالهجرة هي لأناس متوفرين على كفاءة جاهزة، أو أولئك القادرين على نيل هذه الكفاءات بعد فترة تكوين قصيرة بالمهجر.. وما دون هؤلاء سيرتمون وسط مشاكل يمكن تفاديها بالبقاء في المغرب ومحاولة استثمار الفرص التي يتيحها لأبنائه كما للأجانب القاصدين له.. قد أبدوا قاسية في هذا الرأي، لكنّها الحقيقة التي لا مفرّ منها".

عن موقع هسبريس

لم يكن محمّد السعدي، حتّى العشرينيات من عمره، يعي بأن للمجتمع المدني والعمل النقابي آليات من شأن استثمارها أن يعمّ بالنفع على نطاق واسع من الناس الذين لا يجدون من يدافع عن مصالحهم.. وحين تأتت لمحمّد فرصة للهجرة، بقصد أوروبا عقب طول مقام وسط المغرب، لم يكن يخال بأن مشروعه الدراسيّ سيستمرّ حتّى النجاح المبتغَى، بينما الألق الحقيقي لن يرتبط بمستقبله إلاّ عبر بوابة العمل الاجتماعي والتركيز على قضايا المهاجرين.

'مجلس الجالية المغربية بالخارج' يعمل وفق مخطط مدروس علميا على دراسة الإشكاليات المركزية للهجرة ويساهم من أجل جعل المهاجر الأجنبية مسرحا للمثاقفة والتعاون.

على إثر ردود الفعل التي برزت في بعض أوساط الجالية المغربية المقيمة بالخارج عقب المداخلة التي قدمها أحد أعضاء مجلس الجالية المغربية بالخارج أمام لجنة القضايا السياسية والديمقراطية بالجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بستراسبورغ يوم 26 يناير 2015، ونظرا للخلط الذي لوحظ لدى بعض الفعاليات في أوساط الجالية والذي زج بالمجلس في النقاش الدائر، ورفعا لكل لبس أو غموض نوضح ما يلي:

فيضانات إسبانيا

فيضانات إسبانيا.. وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج معبأة لتقديم المساعدة للمغاربة بالمناطق...

01 نونبر 2024
فيضانات إسبانيا.. وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج معبأة لتقديم المساعدة للمغاربة بالمناطق المتضررة

تتعبأ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، من خلال خلية الأزمة المركزية، وكذا المصالح القنصلية المغربية بالمناطق الإسبانية المتضررة من الفيضانات، من أجل تقديم المساعدة للمغاربة المقيمين بالمناطق...

Google+ Google+