منذ مطلع القرن العشرين انطلقت هجرة المغاربة نحو الدول الأوربية وتواصلت إلى حدود سنوات السبعينيات من القرن الماضي، وفي بداية الأمر همت هذه الهجرة أوساط الفئات ذات المستوى البسيط، وقد حلت هذه الأفواج من المغاربة بالعديد من الدول الأوربية لتوفير اليد العاملة ودعم القطاع الصناعي للدول الغربية، ولكن الأفواج المؤهلة من المهاجرين بدأت تصل إلى أوربا ما بين 1980 و 1990 ومن ضمن هذه الأفواج العديد من الرياضيين المغاربة.
وكتب بيرو كالورو الباحث في السوسيولوجيا بجامعة بول فيرلان Metz في مقالة بعنوان «الهجرة والتجنيس لدى المغاربة» أن 15 ألف مغربي وصلوا إلى فرنسا للعمل خلال الحرب العالمية الأولى، بالإضافة إلى مجموعة من الجنود الذين دافعوا إلى جانب فرنسا خلال هذه الحرب.
وأكد المقال ذاته والصادر ضمن مقالات أخرى في كتاب تحت عنوان «مغاربة العالم الرياضيون، التاريخ والتحديات الراهنة» بإشراف مجلس الجالية المغربية بالخارج أنه بعد 1974 حتى بداية 1990 وصل عدد المغاربة الذين حلوا بأروبا ما بين 400 ألف إلى مليون تقريبا.
وبشكل متواز فالكثير من هؤلاء المهاجرين عادوا إلى أرض الوطن ما بين 1985 و 1995 وعددهم قارب 314 ألف, وذكر المقال أن الإحصائيات الأوربية الحالية توضح أن فرنسا تبقى الدولة التي تحتضن أعلى نسبة من المغاربة بما يقارب المليون، وتأتي إسبانيا في الرتبة الثانية بحوالي 400 ألف مهاجر وهولندا يصل عدد المغاربة فيها إلى 315 ألف، أما إيطاليا فيوجد بها 287 ألف وبلجيكا 215 ألف وألمانيا يوجد بها 99 ألف مغربي.
وفيما يخص وضع الرياضيين المغاربة في أوربا يطرح عدة إشكالات، خاصة فيما يتعلق بإزدواجية الجنسية، وفي هذا الصدد تحدث بمقال عن العديد من القوانين التي اعتمدتها مثلا فيدراليات في هذه الدول. وأشار إلى الفيدرالية الإيطالية لكرة القدم التي قررت تحديد عدد اللاعبين خارج الاتحاد الأوربي وذلك سنة 2002، وفي فرنسا تقرر عدم استقدام أكثر من خمسة لاعبين منذ 23 يونيو 2003.
هذا بالإضافة إلى أن استراتيجية استقدام لاعبين خارج أوربا كان دائما تتبعها تساؤلات عن الوضع الهوياتي للاعبين، سواء فيما يخص الجنسية خاصة في مرحلة الوصول إلى النجومية، كما تطرح قضية اختيار هؤلاء اللاعبين بين الفريق الوطني والفرق التي يلعبون بها في دول الإقامة.
وتمت مقاربة إشكالية هجرة الرياضيين في مائدة مستديرة نظمها مجلس الجالية المغربية بالخارج، على هامش فقرات الدورة ال17 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، أن إشكالية ازدواجية الهوية تطرح في كل المناسبات الرياضية التي يكون فيها الرياضي المغربي في المهجر مخيرا بين اللعب لبلده الأصلي أو لبلد المنشأ.
وفي هذا الصدد، أكد العداء العالمي السابق سعيد عويطة أن مشاكل الرياضي الذي يعيش في الخارج متعددة، مشيرا إلى أن سبب هجرة أغلبهم تكمن في البحث عن التداريب والمشاركة في الميادين، وكذا عدم التوفر في المغرب على البنية التحتية القوية التي تسمح له بممارسة الرياضة بالشكل المنشود.
كما أنهم يهاجرون، يضيف سعيد عويطة، للاستفادة من الاستشهار والاحتضان، موضحا أنه خلال سنوات الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كان من الصعب على الرياضي أن يعيش بدون راتب أو مستشهر يوفر له التجهيزات الرياضية الخاصة.
وأضاف أن العدائين والرياضيين عموما كانوا يبحثون عن مواكبة الخبرة والتجربة والتقدم العلمي آنذاك "لأنه بدون ذلك من المستحيل أن يصل الرياضي إلى نتائج مرضية وفي جميع الرياضات".
كما أشار العداء السابق سعيد عويطة إلى المصاعب التي تعترض الرياضي المهاجر والمتعلقة، على الخصوص، بصعوبة الاندماج والعنصرية، وكذا اختلاف العادات واللغة وإغراءات التجنيس.
من جهته، أكد السيد إيفان غاستو (فرنسا) أن الرياضيين المغاربة في الخارج قدموا الكثير لبلادهم، مبرزا أن الرياضة تعد مرآة للمجتمع المغربي في الخارج.
واعتبر أن قضية الهوية وازدواجية انتماء الرياضيين العرب والمغاربة في الخارج مطروحة بشكل كبير، مشيرا إلى الرياضيين المغاربة الذين لهم نشاط مكثف في بلد الإقامة وفي نفس الوقت لهم علاقة وطيدة مع بلدهم الأصلي رغم أن بعضهم لا يعرفون بلدهم من قبل.
وأبرز أن الجيل الثاني من المهاجرين الذين ولدوا في فرنسا لهم قدرات استثنائية لكنهم اختاروا المغرب بلد العائلة، حيث "إن الرياضة أفصحت عن هويتهم الراسخة".
وأكد، من جهة أخرى، أن مسارات العديد من الرياضيين في الخارج اتسمت بكونها «مسارات فردية»، مشيرا إلى أن تاريخ الرياضة بالمغرب ليس تاريخ الأبطال والنجوم فقط بل أيضا وسائل الإعلام والممارسة اليومية التي ينبغي الاهتمام بها.
أما السيد لويك أرتياغا (فرنسا)، فأكد أنه إضافة إلى ازدواجية الهوية لدى الرياضيين المغاربة في الخارج، يطرح مشكل الاختيار بين اللعب لفائدة البلاد التي ينتمي إليها الرياضي المهاجر أم لصالح النادي الذي يحتضنه نظرا للعلاقة المفترضة بينهما.
26/2/2011، عزيز اجهبلي
المصدر: جريدة العلم