عبد الحق الدوق من مواليد مدينة الدار البيضاء سنة 1961م، مقيم بالديار الفرنسية منذ ما يقرب ثلاثين سنة، سافر إلى فرنسا طالبا للعلم بجامعة السوربون بشعبة اللسانيات، حاصل على الماستر فيها ولا يزال يواصل الدراسة عبر تكوين جامعي في المدرسة العليا للدراسات الاجتماعية (علم الاجتماع). مستقر بفرنسا، متزوج وله ثلاثة أولاد وقد أصبح الآن جدا.
كانت انطلاقته في مسار الدعوة الإسلامية في المغرب ثم استمرت بفرنسا خلال الدراسة الجامعية. ثم استمر العمل الإسلامي عبر عدة مراحل انطلاقا من العمل داخل جمعيات وتأسيس جمعيات.
حاليا يرأس اتحاد جمعيات مدينة "كريني" في الضاحية الجنوبية من باريس، كما يرأس لجنة الإرشاد الديني في المؤسسات الدينية على مستوى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.
أما بخصوص الإرشاد الديني في السجون فقد دخل غماره منذ حوالي سبع إلى ثمان سنوات.
س: كيف تقيمون الإرشاد الديني بالسجون؟
ج: باعتبار أن بعض المسلمين يوجدون بالسجون الفرنسية، وباعتبار أن القانون الفرنسي يسمح بل يلتزم بتسهيل التطبيق الديني للسجناء، كان من الضروري تعيين مرشدين على هذا المستوى. الإرشاد الديني في السجون عموما يكون بتعيين من المؤسسة الدينية، ثم من المؤسسة الحكومية، وخصوصا وزارة العدل التي تقوم بتعيين المرشد التعيين النهائي. فالمرشد الديني ليس موظفا في وزارة العدل و لكن يحمل بطاقة تؤكد هويته داخل السجن، ولا يتقاضى على ذلك أجرا، إلا أن الوزارة تخصص له إعانات ومستحقات أتعاب يمكن اعتبارها مساعدة فقط. أما بالنسبة للقانون المسير للإرشاد الديني في السجون فهو قانون واحد يجري على كل الديانات المعترف بها في فرنسا، وليس هناك أي إجحاف لدين معين أو تمييز لدين معين. وبحكم أن الحضور الإسلامي للإرشاد الديني في السجون هو حديث العهد، فهو يحتاج إلى وقت من أجل الاستقرار من ناحية التكوين والأداء والمتابعة.
س: أن تكون مرشدا دينيا فوق المنابر في المسجد، أو في جمعية أو أن تلقي محاضرة أو أن تستضاف في برنامج تلفزيوني. فالأمر قد يبدو سهلا لكن أن تكون مرشدا دينيا داخل جدران السجون فالأمر صعب. ما هو تقييمكم لهذا الأمر؟
ج: هذا الأمر صحيح تماما. فبالرغم من أن عطاء المرشد الديني نابع من أصولنا الدينية إلا أن الطريقة تختلف فلكل مقام مقال، ومعروف أن المرشد في المواقف العادية داخل المسجد أو في منبر إعلامي قد يكون على اختلاف أساليب الأداء على شاكلة واحدة، لأنه يلقي والآخر مجبور على الإنصات أو القراءة. لكن في السجن الأمر يختلف تماما، لأن المرشد الديني لا يتكلم إلا عندما يطلب منه الكلام. حيث أن المرشد الديني بالدرجة الأولى يؤدي دوره عندما يطلب منه السجين أولا فعل ذلك فهو لا يتجرأ مبدئيا على فرض نفسه على الآخرين وإرغامهم على الإنصات إليه. بل السجين هو الذي يطلب ذلك.
س: وكيف يتم ذلك؟
ج: مبدئيا يخبر كل سجين عند حلوله بالسجن بمجموعة من الخدمات التي تقدمها له المؤسسة السجنية ومن بينها الخدمة الدينية، حيث يتم إعلام السجين أن من حقه الاتصال أو ملاقاة مرشد ديني، وذلك حسب ديانة السجين فالمسلم مثلا يخبر أن هناك مرشد ديني مسلم داخل السجن يمكنه أن يزوره وأن يحضر لقاءاته وأن يطلب منه ما يريد فيما يتعلق بأمور الدين.
س: ماذا يمكن أن يطلب السجين من المرشد الديني بغض النظر عن ديانته؟
ج: عموما يقوم السجين بكتابة رسالة خطية للمرشد الديني من أجل مقابلة بينهما. ومن خلال هذه المقابلات تحدد طلبات السجين، فهناك من يطلب المقابلة من أجل المقابلة فقط لشعوره بأن هناك من يمثله دينيا، وتتعدد الطلبات إما من أجل الحصول على مصحف أو على سجادة أو حضور دروس منتظمة داخل السجن أو إلقاء خطبة الجمعة إذا كانت صلاة الجمعة ممكنة في ذاك السجن. وأحيانا أخرى من أجل تفريج ما بالصدر والبوح بكلام لا يستطيع قوله لأحد، عموما لكل سجين طلبات خاصة ومعينة.
س: هل تقام صلاة الجمعة في السجون الفرنسية؟
ج: مع الأسف لا تتوفر كل السجون على مرشدين مسلمين أولا، كما أن صلاة الجمعة تقام في بعض السجون فقط، السجن الذي أقوم بزيارته يعتبر أكبر سجن في أوروبا واسمه سجن" فلوري ميغوجيس". وباعتبار عدد السجناء الكثيرين الذين يتواجدون في عدة بنايات يصل عددها إلى ستة وباعتبار أنه لا يمكن جمع السجناء جميعا في مكان واحد تقام صلاة الجمعة في كل بناية على حدة. ونحن مرشدان دينيان اثنان فقط، فبالتالي لا نستطيع إقامة صلاة الجمعة كل أسبوع. حيث أننا نقيمها في كل بناية أسبوعا. كما أن لنا برنامجا قارا أسبوعيا يمكن اعتباره جلسة تربوية أسبوعية يتم فيها اللقاء مع السجناء الراغبين في الحضور. فعلاقة المرشد والسجين هي أولا تحدد بطلب من السجين نفسه احتراما لرغباته وحتى لا يعتبر أن المرشد يفرض نفسه على السجين، كما أن هذه الدروس هي فرصة لكل من يريد أن يسمع كلام الله أو أن يسأل أسئلة ترتبط بالإسلام أو أية أسئلة فقهية أو عقدية.
س: هلا ذكرت لنا أصناف السجناء الذين التقيتهم؟
ج: بالنسبة للسجن الذي أزوره، نسبة الشباب مرتفعة (أقل من ثلاثين سنة)، وأغلبهم ولدوا في فرنسا، أما الأصول فمختلفة منها العربية والإفريقية والأسيوية. أما بالنسبة لأسباب وجودهم بالسجن فعموما المرشد الديني لا يطرح مثل هذا السؤال، لطبيعة العلاقة التي تربطه بالمعتقلين، والتي تتعدى كونه سجينا إلى كونه إنسانا. سواء كان مسلما أو غير مسلم. لأنه في بعض الأحيان يطلب منا زيارة سجين غير مسلم يريد فقط أن يعرف ماهو الإسلام، فمبدئيا نحن لا نسمح لأنفسنا أن نسأل السجين عن سبب تواجده بالسجن حتى تحافظ علاقتنا بالسجين على إنسانيتها.
س: هل عشت لحظات مشرقة أو قد تكون مؤلمة في السجون؟
ج: في الحقيقة أنا أعتبر السجن صورة مصغرة للمجتمع. الفارق الوحيد أن أحداث المجتمع تأخذ صورة مكبرة على اعتبار أن السجن لا يوجد فيه إلا من قام أو يشك بقيامه بأمور تسيء للمجتمع ولنفسه، وبالتالي نجد فيه عدة صور منها المشرقة وأخرى المؤسفة، أما الصور المشرقة فقد عشناها مع عدة سجناء استغلوا فترة سجنهم لمراجعة حياتهم ومحاسبة أنفسهم و جعلوها فرصة لاتخاذ قرارات أساسية في حياتهم من أجل التغيير، وهذا ما يتيحه السجن لبعض السجناء على الأقل.
أما الصور المؤلمة فهي اطلاعنا على بعض الأسباب التي جعلت بعضهم يدخل السجن، أذكر مثلا أن سجينا طلب مني مرة زيارته وقد كان في حالة نفسية متردية فظننت أنه يريد سؤالي عن أمر يتعلق بالصلاة أو شيء من هذا القبيل،- وللإشارة فالمرشد الديني لا يتكلم إلا بعد تكلم السجين لأنه ينصت أكثر مما يتحدث-، بعد عدة دقائق لم يتكلم السجين فبادرته بالسؤال عما يطلب مني، فإذا به يتحدث ويقول أنه يكتم في صدره سرا يريد أن يبوح به لي، قال إنه قام بقتل زوجته وولديه. وقد كانت كلماته مشحونة بأحاسيس قوية وعنيفة حيث أحسست بها كالضرب بالمطرقة على الرأس. صراحة هو كلام لا يتمنى المرء أن يسمعه، ثقيل على النفس السوية وعلى القلب والعقل. صورة لازلت أتذكرها وكلما تذكرتها إلا وراودني نفس الشعور. هناك مواقف عديدة مؤسفة ولكن هذه أقواها بالنسبة لي.
س: هل هناك أمثلة عن حالات تصحيح الذات وتقويمها؟
ج: مهمة المرشد الديني تنحصر بعلاقته بالسجين داخل السجن، وبالتالي لا نملك صورة كاملة حول السجين ما بعد فترة سجنه، لكن أغلب الظن أن السجين الذي يطلب لقاء المرشد الديني فلغاية معينة، لأنه يربطه بدينه وبأصله وهو أمر إيجابي. عموما المرشد الديني يحاول قدر المستطاع أن يكون على المستوى الذي يطلبه السجين في هذه الفترة.
س: بعيدا عن السجن، كيف ترى حضور الإسلام في فرنسا ولماذا كل هذا السجال حوله؟
ج: كما لا يخفى على أحد أن فرنسا هو البلد الأوروبي الذي يحتوي على أكبر عدد من المسلمين. وكما هو معلوم أن الإسلام هي الديانة الثانية بعد الكاثوليكية. أما بالنسبة لعدد المسلمين في فرنسا فلا يعلمه أحد طبقا للقانون الفرنسي القاضي بمنع الإحصاء المبني على الدين أو العنصر، التواجد الإسلامي واضح ومعروف تسوده سلبيات وإيجابيات، فمن السلبيات أن هناك مسلمين يحاولون الالتزام بدينهم والقيام بواجباتهم، ولكن في نفس الوقت هناك آخرون لا يشرفون هذا الدين ويسيئون إلى مبادئه ويكونون عنصرا مشوشا على الحضور الإسلامي باعتبار أنه منهم من يزرع الخوف ومنهم من يعطي صورة مشوهة. وهذا الأمر هو الذي أنشأ هذا السجال الذي تتحدث عنه، سجال مستمر حول الإسلام في فرنسا منذ سنوات. وبطبيعة الحال هناك مغرضون يستغلون هذا للإساءة لمكانة الإسلام وضرب المسلمين. ولكنني شخصيا أعتقد أن وجود الإسلام في فرنسا يحتاج إلى ترشيد، وأنا لا أقصد الإرشاد لأنه في فرنسا يتواجد أئمة ومساجد، ولكن ليس هناك ترشيد. باعتبار أن الالتزام في فرنسا هو التزام عفوي، كل على شاكلته، كل يبني التزامه على طريقته الخاصة، عن طريق قراءة فردية، أو عن طريق الأنترنت، والقنوات الفضائية الدينية، فيكون لكل مسلم تدينه الخاص به. وقد يسبب له هذا الأمر مشاكل علاقاتية مع غيره من المسلمين لأن كل واحد يتهم الآخر في دينه على اعتبار أن هذا الآخر لا يفهم ولا يستوعب الدين مثله. حقيقة هذا مشكل كبير نعاني منه ونسأل الله تعالى أن يهدينا جادة الصواب.
س: هل لهذا السجال حول الإسلام أغراض انتخابية، خلفيات دينية أم هو نزاع بين اليمين المتطرف والرئيس الحالي...وما هو تقييمكم له داخل الحياة السياسية في فرنسا؟
ج: أكيد أنه منذ أحداث الحادي عشر من شتنبر صار الإسلام حديث الساعة على المستوى العالمي والغربي، وعلى المستوى الفرنسي بشكل خاص. فلا يخلو يوم لا يتحدث فيه عن الإسلام سواء في البرامج التلفزية أو في الأخبار أو عبر الجرائد والمقالات والندوات. ولا يكاد يخلو يوم من صدور كتاب جديد يتناول الإسلام في فرنسا. وأنا شخصيا لا أعتبر الأمر إيجابيا لأن النقاش عن الإسلام في فرنسا دافعه هو الخوف ومحاولة التشويه إلا ما ندر، إضافة إلى انعدام رد الفعل الإيجابي الإسلامي وذلك عن طريق البرامج والكتب والندوات..إلخ، وبالتالي فالكفة غير متوازنة بين الطرفين.
س: هل تقصد أن المسلمين يتحملون أيضا مسؤولية هذا الأمر؟
ج: أكيد، فمسلمو فرنسا لهم مسؤولية كبيرة فيما يقع، هذه المسؤولية لها أسباب معقولة منها قلة العاملين في الحقل الإسلامي وغياب تخصصهم، وكذلك تشرذمهم. كما أن هناك أسبابا غير منطقية ولا معقولة، منها أن من يتكلف بالرد والكلام ليسوا من ذوي الكفاءات العالية. وبالتالي فمن الطبيعي أن جهات حزبية وغيرها تستغل هذا الوضع لضرب الإسلام إما بشكل مباشر أو غير مباشر. وأكيد أنه خلال الفترات الانتخابية هناك أحداث سياسية تستغل خوف الشعب الفرنسي من الإسلام وهكذا يتم استقطابها عن طريق الضرب في الإسلام. كما أن هناك أحزابا أخرى تريد الاستفادة من أصوات المسلمين فتستغل الإسلام لنيل تعاطفهم. والأدهى من ذلك أن هناك من يدين بالإسلام فيقوم باستغلال إسلامه من أجل مصالح انتخابية شخصية. اختصارا يمكن أن نقول أن الإسلام يعتبر ورقة انتخابية رابحة في فرنسا تستعمل في كل الأحوال والأوقات.
س: هذا الواقع لا يعتبر حكرا على فرنسا فهكذا الأمر أيضا في النمسا وسويسرا وهولندا وبعدها إسبانيا، فهل هذه الموجة متشابهة أم لكل بلد خصوصيته؟
ج: أنا لست متخصصا في التحليل السياسي، ولكنها أشياء صارت معروفة، وأعتبر أن هذا التصعيد الذي يمارسه اليمين المتطرف له سببان، أولها غياب الهوية الوطنية أمام الهوية الأوربية لأن أغلب الدول التي تنتمي إلى السوق الأوربية المشتركة تفقد هويتها الخاصة في كثير من الأحيان. كما تفقد هويتها الثقافية والسياسية والاقتصادية وحتى الهوية التاريخية قد تنسى، على اعتبار أن القوانين الأوربية هي المتحكمة في القانون الوطني لكل دولة. وهذا خلق نوعا من الارتباك للمواطنين في كل دولة. فالفلاح مثلا صار يفقد قيمته في بلده لأن هناك قوانين أوروبية تفرض على دولته منتجا معينا. وحتى على المستوى الثقافي فالثقافات المحلية فقدت خصوصيتها، وكما قلت فهذا الأمر ولد إرباكا عوض أن يستدرك عن طريق ردود وطنية لطمأنة الناس، تزامن هذا مع التصعيد الإسلامي عن طريق ما يقع في الدول الإسلامية وعن طريق تصرفات بعض المسلمين غير اللائقة، وفرض نمط إسلامي متطرف خصوصا في يتعلق بالتعامل مع المرأة أو مع ولائه للدولة التي يعيش فيها.
فمثلا الشخص الذي ولد في فرنسا وجنسيته فرنسية عندما يدين بالإسلام فهو يتنكر لفرنسا ويقول أنا مسلم ولست فرنسيا. وكأن هناك تعارضا بين الإيمان الديني وقيم المواطنة وخدمة الوطن. وبطبيعة الحال الذي أشعل هذه النار هم المغرضون لأنه هناك جهات ولوبيات تكره الإسلام والمسلمين. استغلت الخوف والارتباك لدى الفرنسيين فصارت تعرض الفزاعة الإسلامية عن طريق التخويف وهذا الأمر سهل. فإذا أخذنا سويسرا مثلا التي صوتت على منع بناء المآذن، وهي الدولة التي فيها أقل عدد من الصوامع ما يعني خوفا من لاشيء. وفي فرنسا المناطق التي يكره سكانها الإسلام والمسلمون هي المناطق التي لا يوجد فيها مسلمون أصلا. فهذه الأمور مجتمعة والتي انطلقت منذ ما يقرب عشر سنوات لم يستطع المسلمون احتواءها لتقديم دينهم على أنه دين حضارة وله تاريخ وأخلاق.
س: في نظرك الآن كيف السبيل إلى ترشيد الحضور الإسلامي خصوصا من طرف المهتمين والفاعلين الإسلاميين؟
ج: ذكرت سالفا أن غياب الترشيد الديني هو أهم أسباب المشكلة، ويمكننا إيجاد الحلول. غير أننا إذا لم نهيء كافة الأسباب من أجل إنجاح هذا الترشيد فهذا الأخير قد لا يؤدي دوره. ومن أول الأشياء الواجب عملها إيجاد مسؤولين مسلمين يترفعون عن ذواتهم وعن أصولهم، وهو ما أسميه "الإديولوجيات الإسلامية"، فنحن ضد أن يحتكر فكر ونمط واحد من الالتزام، وما دمنا لم نحقق هذا الأمر صعب أن نجد حلا ناجعا لأن كل واحد يأتي بشكل معين من الالتزام، ويقول هذا هو الإسلام وغيره ليس من الإسلام في شيء.
الأمر الثاني هو غياب مسؤولين متفرغين، أغلب الناشطين الإسلاميين في فرنسا هم متطوعون من خلال ما تبقى لهم من أوقات، فهم لا يمدون بأية إمكانيات توفر لهم أسباب العطاء أكثر، أغلبية الأئمة متطوعون وكل رؤساء الجمعيات متطوعون. وبالتالي يصعب إنشاء عمل إسلامي راشد ومركز بالتطوع وهذا لا يخفى على أحد.
س: كثيرا ما يثار مؤخرا في فرنسا نقاش الإسلام والعلمانية، وبكونك تعيش وتنشط داخل فرنسا فهل هناك حقا تعارض بين الإسلام والعلمانية؟
ج: نعلم جميعا أن فرنسا تدعو إلى شكل من أشكال العلمانية والذي يتمثل في قانون معروف بقانون 1905 وهو قانون الفصل بين الدين والدولة. إذا نظرنا إلى هذا القانون كما هو، فنعتبره فرصة لنا كمسلمين من أجل أداء كل واجبات ديننا خصوصا فيما يتعلق بأركان الإسلام، وهذا أمر قد يثير الدهشة، لأننا كمسلمين قد نعتبر العلمانية كفرا وضد الإسلام، والقانون يقضي بعلمانية الدولة وليس علمانية الناس، وهكذا فالدولة لا تحتضن دينا معينا ولا تفضل دينا على آخر. أما المواطن فله حرية الاعتقاد أو عدم الاعتقاد، وحرية تطبيق العبادات. فنحن كمسلمين نقول إن وجودنا في دولة مثل هذه يتيح لنا ممارسة العبادات لأنه ليست هناك سلطة تمنعنا من ذلك باعتبارنا مسلمين. لكن من المسلمين من يعادون فرنسا لأنها دولة علمانية مادامت العلمانية تعادي الإسلام. والذين يضمرون لنا العداء هم المتضايقون من الوجود الإسلامي ويقومون باستعمال العلمانية من أجل إخفاء هذا الحضور. وهذا ما رأيناه من خلال التصويت على منع الحجاب في المدارس و النقاش القائم حول الصلاة في الأماكن العامة وبناء المساجد والمآذن. لهذا نحن نوجد في وضعية صلبة ونحاول إقناع من يعادون العلمانية أن يقوموا بتزكيتها واستغلالها. كما نحاول إقناع الآخرين بتطبيق العلمانية كما هو منصوص عليها في القانون، كما يجب أن لا تصير العلمانية سلاحا تحارب كل المظاهر الإسلامية الخارجية.
29-03-2011
المصدر/ موقع الإصلاح