الخميس، 26 دجنبر 2024 14:22

باريس- أمّ من أصل مغاربي تغيّر اسمَي ابنيها العربيين خوفًا على مستقبلهما

الخميس, 13 أكتوير 2011
لجأت أمّ من أصل مغاربي إلى المحاكم الفرنسية لاستبدال اسمَي ابنيها العربيين إلى اسميين غربيين، معللة ما أقدمت عليه، بحسب تصريحات محاميتها، بأنه يندرج ضمن خطواتها كأمّ لضمان مستقبل طفليها في مجتمع تفشّى فيه التمييز تجاه الأفراد الذين يحملون أسماء تنتمي إلى هذه الشريحة.

يرى د. محمد امريزقة الباحث في العلوم الاجتماعية أنه لا يمكن للاسم وحده أن يعرقل النجاح الاجتماعي للأبناء المنحدرين من الهجرة المغاربية في فرنسا، وذلك في تحليل خاص لإيلاف حول أبعاد إقدام أمّ من أصل مغاربي على تغيير اسمَي ابنيها للغاية نفسها.

وتحوّل بذلك، بعد قرار قضائي، اسما كل من محمد وفاطمة إلى كيفان ونادية، وتكون هذه الأم قد حققت "حلمها" في انتظار أن يظهر المستقبل إن كان ذلك كافيًا لأن ينعم هذان الطفلان بمستقبل زاهر، ويجنّبهما أي شكل من أشكال التمييز في ولوج سوق العمل الفرنسية.

بررت الأم المتحدرة من مرسيليا، والتي فضّلت أن تتحدث لوسائل الإعلام بلسان محاميتها، اختيارها بكونه نابعًا من توجّسها من أن "تنتهي الحياة بابنها إلى العمل كأجير، ويكون مستقبل ابنتها خادمة..."، وهي المهنة نفسها التي تمارسها هذه الأم.

كما نفت أن يكون لاختيارها هذا أي علاقة بما هو ديني أو سياسي أو غيرها من الدواعي الأخرى، في رد غير مباشر على العديد من التعليقات التي أمطر بها أصحابها الشبكة العنكبوتية من خلال ردودهم على هذا الاختيار، حيث أظهرت أن أصحابها في عمومهم لم يستوعبوا مغزى قرار هذه المرأة.

حالة غير معزولة

يعتبر الباحث في العلوم السوسيولوجية محمد امرزيقة أن هذه الحالة "عرضية، وهي ليست بحالة معزولة، وإنما تعكس واقع مجتمع، فالدوافع والتخوفات والآمال من وراء هذا الفعل غير العادي، تعيد نفسها باستمرار"، يشرح هذا الباحث.

يتابع امرزيقة، في تصريحات لإيلاف، مفسّرًا هذا الأمر من وجهة قانونية "على المستوى النظري البحت، الحصول على اسم حق تؤطره القوانين الوطنية لكل بلد، وهذا الحق تم الاعتراف به والتصديق عليه من خلال اتفاقية للأمم المتحدة تعود إلى 20 نوفمبر 1989". وتقول الاتفاقية في فصلها السابع، يضيف ضيفنا، "إن الطفل يسجل عند ولادته، وله الحق حينها في اسم، وفي الحصول على جنسية، والحق في معرفة أبويه، ويحظى برعايتهما إذا كان ذلك ممكنًا".

يستطرد في السياق عينه أن "الفصل الثامن يضيف: أن الدول الأعضاء تلتزم باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته، بما في ذلك جنسيته واسمه وعلاقاته العائلية، كما يعترف بها القانون بدون أي تدخل غير قانوني".

قرار شرعي

يستحضر امريزقة الأجواء التي يتم فيها "اختيار اسم طفل في معظم الحضارات الإنسانية"، مبرزًا لما لذلك من "قيمة خاصة فيها". فالاسم، يقول ضيفنا، "يعكس انتماء عرقي وفئة اجتماعية، ويحيل على المعالم الأسرية والقبلية الخاصة، ويمكن أن يكون له علاقة بماضي خاص للوالدين".

يتابع في السياق نفسه "بعيدًا عن هذه الاعتبارات العامة الأنطروبولوجية والسوسيولوجية، الاسم هو عنصر مؤسس للهوية الفردية والشخصية للفرد وللتوازن النفسي والسيكولوجي للطفل".

انطلاقًا مما سلف، يعلق على قرار هذه الأم بكونه، "يبدو شرعيًا بالنظر إلى دوافعه الأولية، أي الإدماج الاجتماعي للطفل، بمعنى أن كل أمّ أو أب يريد لأبنائه أحسن الفرص والشروط في المجال التربوي والعمل، لضمان نجاحه الاجتماعي". لكنه يستدرك متسائلاً "هل هذا يكفي؟"، مستفهمًا في الاتجاه عينه "هل مسألة تغيير الأسماء كافية لأجل ضمان نجاح الأبناء؟".

يستعرض الباحث في العلوم الاجتماعية في هذا الباب نتائج "دراسة حديثة أجريت في نوفمبر 2010، تفيد بأن معدل تشغيل الفرنسيين المتحدرين من الهجرة المغاربية أقل بـ 20 نقطة من نظيرتها التي تخصّ أبناء الفرنسيين الأصليين".

كما إن "دراسة أخرى تقول إن 70 % من المهاجرين و53 % من الذين يتحدرون منهم يثيرون كل من اللون والأصل كعنصرين للتمييز"، يقول ضيفنا.

الأحكام المسبقة

يحدد محمد امريزقة ثلاثة أنواع كبرى من الدوافع الأساسية التي تجعل أفراد ينخرطون في "تحولات ذاتية"، وهي تحولات قد تمسّ المظهر الخارجي للشخص، نكران الذات وهو الأكثر تطرفًا، يفيد ضيفنا. ويفسره بكونه "إشارة لمعاناة ما وقطيعة ينفي على أساسها صاحبها أصوله، والديه، ويطوي صفحة ماض مؤلم"، ويعطي مثالاً على ذلك "بالعديد من العائلات الألمانية، التي غيرت أسماءها، لمحو كل ما يمكن أن يحيلها على ماض عائلي نازي صعب".

أما التحول الأخير، الذي يعني حالة هذه الأم، فيعرف، بحسب محدثنا، "بتحول الاندماج"، و"يضع من الاندماج هدفه الأول"، مضيفًا أن "بعض الملاحظين يعتبرون أن الاسم هو المحدد الأول في التمييز العنصري، بحسب دراسة للديمغرافي لوك ريشار".

يستشهد في هذا الإطار بكلام وجّهه مسؤول إحدى كبريات الشركات لأجير كان يتطلع لتسلق سلم المناصب في هذه المؤسسة: "لا يمكن أن تترقى إلى مسؤول في الشركة ما دام اسمك محمد!".

إلا أن ضيفنا يوضح أن "تغيير الاسم ليس هو دائمًا المفتاح المعجزة، الذي يفتح كل الأبواب في الشركات والجامعات وغيرها". ويزيد متابعًا "بالتأكيد إن محاربة اللامساواة والتمييز التي تقاد في مختلف البلدان الأوروبية بدأت تعطي ثمارها، لكن التمييز العنصري المبني على اللون يبقى مستمرًا، والأحكام المسبقة كذلك لها مقاومة أكبر مما نتصور".

10-10-2011

المصدر/ موقع إيلاف

Google+ Google+