الأحد، 29 دجنبر 2024 03:25

دنمارك: الانتخابات توقد الخطاب العنصري ضدّ المهاجرين

الإثنين, 11 غشت 2014

بدأ التنافس الانتخابي بين الحكومة "الاشتراكية" والمعارضة اليمينية، في الدنمارك، حول الهجرة واللاجئين مبكراً، ليتحوّل لاحقاً إلى تشدّد في القوانين والتشريعات، ضدّ الذين قدّموا الهجرة واللجوء إلى الدنمارك، أكان من ناحية الإقامات، أم الاستقرار الاجتماعي والنفسي والسياسي.

في كل عام انتخابي تصبح "القضايا الأساسية" في المجتمع الدنماركي "ثانوية"، أمام النقاش السياسي والاجتماعي عن "المهاجرين"، وتتدفق الأرقام والتصريحات عنهم، مكررة خطابات الأعوام السابقة عن "مخاطر اللجوء والهجرة المتزايدة، واكتظاظ السجون بهؤلاء"، رغم أن لعبة الأرقام تكشف عن ضآلة التضخيم الدعائي والحزبي، ومحاولة تقليد الحملات الانتخابية الفرنسية والإيطالية والسويدية.

وفي تصريحات مثيرة للجدل، نافست رئيسة وزراء الدنمارك، هيلي تورنينج شميت، وهي من الحزب "الاشتراكي الديمقراطي"، حزب المعارضة اليميني، في مطالب تشديد قوانين الهجرة واللجوء والحدّ من قدوم مواطني دول العالم الثالث، وتحديداً من المجتمعات الإسلامية والعربية؛ فحزب (فينسترا) "اليسار" اليميني ناقش، يوم الجمعة الماضي، "الورقة المسربة"، التي سبق لـ"العربي الجديد"، أن عرض أهم ما احتوته من تشدّد وتمييز بناء على الخلفية الدينية والإثنية، وتحديد الإقامة على أسس لا تلتزم بالمعايير والالتزامات الدولية.

ويأتي هذا التسابق على أصوات الناخبين، في ظل تفاقم مأزق حزبيْ شميت، وزعيم المعارضة اليمينية، لارس راسمسون، مع تقدّم اليمين المتطرف "حزب الشعب الدنماركي"، وطرحه برامج يعتبرها مراقبون سياسيون شعبوية، تركّز على مشاعر الخوف من "خطر المهاجرين وأسلمة أوروبا".

عداء الأجانب وتحميلهم مسؤولية كل أزمات البلاد ليست جديدة عند "حزب الشعب الدنماركي"، الذي اقترح بعض نوابه أخيراً "فتح الثكنات العسكرية" لوضع المحكومين الجنائيين فيها بدل السجون؛ فهو يدرك شعبيته في استطلاعات الرأي، بعد اكتساحه انتخابات البرلمان الأوروبي.

نحو إعادة اللاجئين

وذهبت رئيسة الوزراء، هيلي شميت، في تصريحاتها المنشورة، يوم الأحد، إلى حدّ المزايدة على اليمين، بحسب ما وصف الناشط السياسي اليساري، يورن سيمونسن، لـ"العربي الجديد"، قائلاً: تتحدث عن الأجانب والمهاجرين في بلادنا بوجه ديمقراطي، ولكن بأيديولوجية ومفردات اليمين المتطرف، خصوصاً حين تعتبر تشدّد مقترحات المعارضة اليمينية "مقترحات تخفيفية"؛ فهي تنافس هذا اليمين على تشدّده لتتملق إلى الناخبين".

واعتبرت شميت أنّ "وضع سقف دخل شهري بقيمة 18 ألف كرونة شهريّاً لقبول المهاجرين، بحسب مقترحات حزب (اليسار)، يعني قبول نصف مليار إنسان للعمل والإقامة في الدنمارك".

من جهة ثانية، عبّرت رئيسة وزراء الدنمارك عن "القلق من تزايد أعداد طالبي اللجوء في الدنمارك"، وهو خطاب اليمين التخويفي نفسه من بضعة آلاف من طالبي اللجوء. ودعت إلى تطبيق سياسة "إعادة المقيمين على أساس اللجوء إلى بلادهم التي أتوا منها، حين لا يصبح هناك مسبّب وجودهم، وتنتهي الأخطار المحدقة بهم".

واعتبرت شميت أنّ "تدفق اللاجئين إلى الدنمارك يعدّ مشكلة المجتمعات المحلية الصغيرة التي يجب عليها إيواء هؤلاء في معسكرات انتظار"٠

ورحب مقرّر شؤون الهجرة في حزب "اليسار" في البرلمان، كارستن لاورتسين، بمقترحات شميت الداعية الى سحب إقامات اللاجئين، وإعادتهم إلى بلادهم، حين ينتفي الخطر على حياتهم.

وبحسب أرقام دائرة الهجرة في الدنمارك، فإنّ الأعداد التي يجري استخدامها في الدعاية ومحاولة جذب جمهور حزب "الشعب"، لا تتعدى الـ 7500 طالب لجوء خلال الأعوام الثلاثة الماضية.

ويتساءل الناشط سيمونسن: أي عاقل يمكنه أن يقبل هذه الحجج؟ هل يشكّل بضعة آلاف من طالبي اللجوء، الذين ليس بالضرورة جميعهم يحصلون على إقامات، تهديداً لبلدنا وثقافتنا؟ نحن نعيش مأزق تقدّم الخطاب اليميني الشعبوي مثل معظم دول الشمال وباقي دول الاتحاد. كلما تقدّم اليمين خطوة في الخطاب العدائي للثقافات الأخرى، راح من يعتبر نفسه من أحزاب ديمقراطية يزايد عليه بخطاب مشابه ويتجاوزه.

شميت واليمين

وفي السياق نفسه، طالبت رئيسة الوزراء الاشتراكية حزب "الشعب" اليميني، بأن يسمي كتلتها بعد الانتخابات المقبلة هذا العام لرئاسة الوزراء، قائلة: حزب الشعب الدنماركي، هو الذي يختار من له الأحقية في تشكيل الوزارة، لكنه إذا ما أريد تنفيذ سياسة جيدة لناخبيه، فمن الذكاء أن يشير إلينا كي نشكّلها.

الموقف الأخير لشميت يتناقض تماماً مع توجّهات كتل الاشتراكيين الديمقراطيين في العقود السابقة، إذ لم تكن تقبل أن يكون لحزب "الشعب" أي دور في تشكيل قاعدة برلمانية لحكوماتهم. وهو ما يعتبر واحداً من مآزق "الكتلة الحمراء" في مواجهة "الكتلة الزرقاء" من المحافظين والليبراليين، وخصوصاً مع تراجع الأخيرة وتوقع اكتساح حزب "الشعب" اليميني أصوات الناخبين.

وعلى الرغم من أن انتخابات 2011 منحت حزب "الشعب" 12.3 في المئة من الأصوات، غير أن تأثيره السياسي لم يكن بلا ثمن؛ فالدنمارك اليوم لديها أقسى القوانين في مجال الهجرة مقارنة بالدول الغربية، وخلال ثلاثة انتخابات نيابية سابقة، شكّل ذلك الحزب أرضية لتحالف حكومة المحافظين واليسار الليبرالي (يمين) على أرضية أن "الأجانب" هم محور شعارات وبرامج ذلك الحزب، الذي تعطيه اليوم الاستطلاعات حوالي 23 في المئة ليصبح في مقدمة الأحزاب البرلمانية.

عن موقع العربي الجديد

 

Google+ Google+