الخميس، 26 دجنبر 2024 18:40

حسن الوردي.. أو "قصة نجاح" تكنولوجيا تحمل علامة "صنع بالمغرب" في السنغال

الخميس, 06 يوليوز 2017

لم يكن حسن الوردي يتوقع عندما وطئت قدماه لأول مرة أرض السنغال في أكتوبر 2014، أن يحقق بسرعة نجاحا في مهمته ويفرض في وقت وجيز العلامة المغربية للهواتف التي يمثلها، في سوق إفريقي واعد ومتسم باحتدام المنافسة في آن.

ولم تكن "قصة النجاح" التي حققها على الأرض السنغالية لشركة (دي بي إم/ المغرب)، مصنعة العتاد المعلوماتي ومنتجة علامة "أكسنت"، وليدة الصدفة، وإنما كانت نتيجة "واضحة ومشروعة" لرؤية الشركة ولاستراتيجية التسويق التي يعتمدها هذا الشباب المغربي المولع بمجال الهواتف والمنخرط قلبا وقالبا في رفع التحديات التي تفرضها المنافسة الحادة في هذا المجال.

وفي واقع الأمر، فقد كان الوردي (31 سنة)، الذي غادر مدينة وجدة، مسقط رأسه، سنة 2005، بعد حصوله على الباكالوريا، مهتما كثيرا بمجال المعلوميات والاتصالات، ما حدا به بعد عامين من التحصيل بمدينة الرباط، للحصول على دبلوم تقني متخصص في الشبكات المعلوماتية.

التحاقه بالإدارة العمومية لم يمنعه أبدا من التخلي عن ولعه بالتكوين والدراسة والبحث في مجال المعلوميات. هذا السعي الدؤوب لتحصيل المعرفة توج سنة 2012 بحصوله على الإجازة في تدبير المؤسسات بفرع الرباط لجامعة مارن لا فالي في باريس، وفي وقت لاحق، على شهادة الميتريز في تدبير المؤسسات من جامعة شكوتيمي بكبيك.

وستكون سنة 2014 نقطة تحول في المسار المهني للشاب الوردي حيث استقال من الوظيفة العمومية ليقتحم القطاع الخاص، وينفتح على آفاق جديدة وتحديات جديدة تمكن من رفعها بفضل مثابرته وإصراره على النجاح.

فبعد التحاقه بشركة (دي بي إم/ المغرب) بمدينة المحمدية، والتي ولجها بهدف إطلاق وتطوير علامة الهاتف "أكسنت" في السنغال وغرب إفريقيا، باشر الوردين بعد ستة أشهر فقط، ومن دون تردد يذكر، مهمته في العاصمة دكار.

ويقول الوردي الذي التحق بالفاعلين والشركات المغربية المستقرة في السنغال، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، "بمجرد وصولي إلى الأرض السنغالية، التي تطؤها قدماي لأول مرة، استشعرت أجواء الترحيب والتعاطف الكبير الذي يخص به السنغاليون المغاربة".

وأشار إلى أنه "إذا كانت الأسواق الإفريقية، وخاصة في منطقة غرب إفريقيا، مفتوحة حاليا في وجه الفاعلين المغاربة، فإن جزء كبيرا من الفضل في ذلك يعود إلى التبصر والمبادرات المحمودة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي جعل من الانفتاح على القارة أولوية للسياسة الخارجية للمغرب، ومن الشراكة جنوب - جنوب ركيزة للتعاون الاقتصادي للمملكة".

وبمجرد حلوله بدكار سنة 2014، سيطلق الوردي، وهو حاليا المدير العام لـ "أكسنت السنغال"، والمكلف بتطوير العلامة في غرب إفريقيا، البرنامج السنغالي "حاسوب لكل طالب" (الذي يوازي برنامج "إنجاز" في المغرب)، والمنجز بشراكة مع شركة "دي بي إم المغرب".

ويسعى البرنامج الذي يندرج في سياق الجهود الرامية إلى تحسين المناخ الرقمي للجامعات، الذي يعد ثمرة عقد أداء موقع مع وزارة التعليم العالي والبحث السنغالية، إلى جعل الطلبة في صلب تكنولوجيا المعلومات والاتصال.

وحسب مدير تمويل مؤسسات التعليم العالي، أبوبكري نيام، فقد وصل عدد الطلبة السينغاليين المستفيدين حتى الآن من أجهزة الحاسوب والأجهزة اللوحية ذات العلامة المغربية في إطار هذا البرنامج إلى 42 ألف مستفيد.

وموازاة مع تدبير وتتبع هذا البرنامج الهام، أبان الشاب الوردي عن دينامية استثنائية في التدبير وموهبة فائقة كمسير حيث أرسى مقاولة ناجحة بدكار، ومهد الطريق من أجل فتح أسواق جديدة في المنطقة.

وبكثير من الفخر، يقول الوردي إنه "في ظرف ثلاث سنوات فقط، نجحت (أكسنت السنغال) في إيجاد موقع لها بين الفاعلين الرئيسيين في السوق"، مؤكدا أن "الفرع يشغل اليوم أزيد من أربعين مستخدما بصفة دائمة، إضافة إلى العديد من المستخدمين الأخرين بصفة مؤقتة، وأن العلامة المغربية هي ثالث علامة في سوق الهواتف الذكية في السنغال".

مستعينا بالتجربة السنغالية، وبنجاح برنامج "حاسوب لكل طالب"، يجري المدير العام الشاب الذي حصل على ماجستير في إدارة الأعمال في المعهد الإفريقي للتدبير بدكار، حاليا، مفاوضات مع عدد من بلدان المنطقة منها غينيا ونيجيريا وغينيا بيساو ومالي وكوت ديفوار من أجل بلورة برامج مماثلة.

وفي هذا الإطار، وبعدما خبر المنطقة جيدا، حرص الوردي على إبراز الإسهام الكبير لانضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو) في الانفتاح بصورة أكبر على سوق غرب إفريقيا الضخم.

وأوضح أن حرية تنقل الأشخاص والبضائع بين الدول الأعضاء في هذا الفضاء الإقليمي الهام، إلى جانب المرونة المقبلة للدرهم، ستجعل المنتجات المغربية أكثر قدرة على المنافسة في السوق الإقليمية، مشيرا إلى أن الخبرة والكفاءة التي راكمها الفاعلون المغاربة في إفريقيا تعززان حضور الشركات الوطنية في العديد من البلدان التي تنشط فيها وفق مقاربة رابح- رابح التي اعتمدتها المملكة.

وفي هذا الإطار، وبالاستناد إلى تكوينه الأكاديمي وخبرته الميدانية، يعتزم الوردي اقتحام مجال الاستشارة عبر إرساء بنية مخصصة للدعم والمشورة للمقاولات المغربية في مختلف المجالات، الراغبة في إقامة فروع لها في السنغال أو بمنطقة غرب إفريقيا على العموم.

وما بين السنغال التي وقع فيها انطلاقة "قصة نجاح" إفريقية، وكوت ديفوار التي يجري فيها مفاوضات متقدمة من أجل إقامة فرع للشركة هناك، والمغرب الذي تقيم فيه زوجته ورضيعهما، لأسباب مهنية، لا يقف حسن الوردي موقف العاجز، ذلك أنه يدبر البعد عن العائلة قدر المستطاع، ويؤكد أن "الحياة علمتني أن كل شيء سيكون على ما يرام، وتجربتي في عالم الأعمال، وإن كانت قصيرة نسبيا، تجعلني كل يوم أكثر ثقة في المستقبل".

حسن أوراش

عن وكالة المغرب العربي للأنباء

Google+ Google+