الخميس، 26 دجنبر 2024 16:56

سعيد الإدريسي .. ريفي عصامي ينال ثقة سكان بلدية بالدنمارك

الثلاثاء, 28 نونبر 2017

سعيد الإدريسي مغربي يبلغ من العمر 48 عاما، هاجر رفقة والديه إلى الدنمارك عندما كان في الثالثة من عمره، فدرس هناك إلى أن حصل على الباكالوريا من مدرسة عمومية أهلته لولوج التكوين المهني ونيل شهادة تقني في مجال النجارة، مكنته من الاشتغال كمشرف بمصنع خاص بتصدير قطع الغيار إلى المصانع والشركات منذ 27 سنة.

لم تقتصر نشاطات الإدريسي على مجال واحد، فهو ينشط في مجال تعليم السياقة الخاصة بالشاحنات والسيارات من الحجم الكبير، كما دفعه حبه للرياضة إلى تدريب أكبر فريق بالدنمارك (بروندبي) منذ حوالي 17 سنة.

بعد هجرتهم، اختار والده مجال صناعة السفن، الذي اشتغل به مئات المغاربة هناك، حيث عمل حدادا. أما والدته فلم تجد غير مصنع قرب ميناء مدينة بروندبي خاص بتعليب السمك، اشتغلت به إلى أن حصلت على التقاعد.

تصدرت مقالات الإدريسي الصحافية الجرائد بالدنمارك، حيث كان يدافع بشدة عن حقوق المهاجرين، ويناهض العنصرية، وكان همه الوحيد فتح النقاش حول مشاكل الجالية المغربية بالدنمارك. وقد وسعى من خلال صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي إلى فتح الحوار في العديد من المواضيع قبل اكتشاف ميوله السياسية.

بدأ ابن مدينة الحسيمة نشاطه السياسي قبل عشر سنوات، فكتب مقالات رأي تهتم بحقوق الإنسان، وتعالج موضوع المهاجرين بالدول الإسكندنافية، كما اختار مساعدة العديد من الأسر المغربية في الخفاء. مواقف حسبت لصالحه، قبل أن ينضم إلى حزب اليسار الراديكالي.

في لقاء بهسبريس بمقر عمله صبيحة فوزه بمقعد بالبلدية بمدينة بروندبي، حكى سعيد الإدريسي عن الأسباب التي دفعته إلى ولوج عالم السياسة والانخراط في حزب اليسار الراديكالي، وكذا اهتماماته، دون أن ينسى أصله الريفي، حيث أكد على مطالب الحراك الذي شهدته منطقة الريف، خاصة مسقط رأسه الحسيمة.

وبخصوص اختياره حزب اليسار الراديكالي، أوضح سعيد أن "حزب اليسار منحني فرصة المشاركة بحملة الأفكار التي أتيت بها، وأعطاني الحرية الكاملة لفرض شروطي، وعندما خضت حملة ضد حزب طالب بعودة المهاجرين إلى أراضيهم، خرجت أنا وحزبي ودافعنا عن حقوقنا وتصدينا لذلك التصرف اللاإنساني".

أما عن أساليب الإقناع التي بوأته مقعدا ببلدية مدينته، فيوضح سعيد لهسبريس أن "50 بالمائة من السكان يعانون من ابتعاد أبنائهم عن المدرسة العمومية، وهو الأمر الذي ركزت عليه، على اعتبار أن المدرسة حق للجميع".

ويسترسل الإدريسي في سرد أهم ما جاء في برنامج حملته الانتخابية، قائلا: "بلديتنا تضم أكبر نسبة من الشباب، الذين سافروا للجهاد تحت لواء "داعش" بسوريا ولقو حتفهم هناك، فعانت الكثير من الأسر بمدينتي تبعات هذه الظاهرة، مما دفعني إلى التفكير في قرارات تقضي على ظاهرة هجرة الشباب والتحاقهم بالجماعات الإرهابية".

وأضاف: "هناك الكثير من دور الشباب بالبلدية تم الاستيلاء عليها من طرف جهات متشددة، تقوم بتصرفات منحرفة، ومن خلال حملتي طالبت باسترجاع تلك المقرات الحيوية لتستخدم في موضوعها الأصلي".

ويمثل المغاربة بالبلدية، التي انتخب بها الإدريسي أكبر عدد من المهاجرين، لكنهم لم يبدوا أي تفاعل معه. يقول الإدريسي: "حاولت كثيرا لم شمل المغاربة في بلدتي، وتحدثت مع الكثير منهم لأنهم يمثلون هنا نسبة 45 بالمائة من ساكنة المدينة، لكنهم لم يتجاوبوا معي ولَم يبدوا أي تفاعل مع برنامجي الانتخابي".

وعن أسباب عدم إدلاء الجالية المغربية بالدنمارك بصوتها، يوضح قائلا: "فتحت العديد من اللقاءات المباشرة على صفحتي بالفيسبوك لتحفيزهم على التصويت والإدلاء بصوتهم لصنع القرار، لكنهم رفضوا. ورغم ذلك سأحفزهم مستقبلا على التفاعل مع السياسة بشكل إيجابي".

واعتمد الإدريسي في حملته الانتخابية على "الفيسبوك" بشكل كبير، الأمر الذي منحه أصوات الدنماركيين وعدد كبير من الأجانب. وعن سبب لجوئه إلى "الفيسبوك"، يقول: "استخدمت موقع الفيسبوك في حملتي بنسبة 80 بالمائة، لأنه المكان الذي تجتمع فيه أكبر شريحة مجتمعية، ومن خلاله تمكنت من إيصال صوتي وأفكاري، لهذا ساهم كثيرا في صنع القرار، ومكنني من جدب الكثير من الأصوات".

وأضاف سعيد الذي يحمل الجنسيتين المغربية والدنماركية "سياسة الحزب لا تفرق بين المغربي والدنماركي ولا فرق بين المواطنين، وبالرغم من ذلك تلقيت الكثير من الأسئلة، لكنني كنت أجيب دائما أنا مواطن دنماركي أنحدر من هذه المدينة وقادم من المغرب".

وبخصوص تركيزه على مجال التعليم في مخططاته المستقبلية يقول الإدريسي "يركز برنامجي على مجال التعليم بشكل أساسي، لأن الكثير هنا غادر دراسته ولم يكمل تعليمه، لهذا أعتزم على الاشتغال على هذا المنحى في المستقبل القريب، فجميع الظروف المناسبة متوفرة في بلديتي، لكن الكثير من الشباب يغادرون مدارسهم، وبالنسبة لي التعليم هي النواة الوحيدة الكفيلة بالقضاء على الجريمة المنظمة والمخدرات".

ويبدي سعيد المنحدر من مدينة الحسيمة رأيه في الحراك الذي شهده الريف المغربي، قائلا "لقد أثر علينا حراك الريف وتبعاته بشكل مباشر، لأننا نتقاسم نفس المشاكل هنا مع اخواننا بالريف"، مضيفا "وضعت سؤالا عبر صفحة فيسبوكية تهتم بقضايا الجالية المغربية بالدنمارك، وناقشت في سؤالي قضية الحراك، ومسألة المشاكل التي نتقاسمها هنا معهم، لكنني تعرضت لتهديد خطير بعد طرحي لهذه القضية، والبعض لم يقبل ذلك النقاش، لهذا تلقيت تهديدا صريحا بالتصفية".

عن هسبريس

Google+ Google+