الثلاثاء، 24 دجنبر 2024 04:42

برلين- مساهمة المهاجرين المغاربة في تنمية بلدهم واعدة لكن طريقها ليس من حرير

الإثنين, 12 نونبر 2012

تسعى مؤسسات ألمانية ومغربية من المجتمع المدني في البلدين، لتحفيز المهاجرين المغاربة على تقديم مساهمة فعالة في تنمية بلدهم. وتبدو آفاق مساهمة المهاجرين واعدة في تنمية المغرب لكن عراقيل تقف في هذا السبيل.

حققت عائدات المهاجرين المغاربة في الخارج هذا العام نموا بـ 4 في المائة، بخلاف التوقعات المتشائمة التي غذتها الأزمة المالية في أوروبا، حيث توجد أغلبية المهاجرين المغاربة. ويعيش حوالي ثلاثة ملايين مواطن مغربي خارج المغرب، أي ما يعادل 10 في المائة من مجموع سكان البلاد. وقد استقر غالبيهم في أوروبا، حيث يمثل المغاربة ثاني أكبر مجموعة من المهاجرين بعد الأتراك.

ويقول خبراء ألمان إن مساهمة المهاجرين المغاربة المقيمين في ألمانيا، يمكن أن يكون لها دور استراتيجي في تنمية بلدهم الذي يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية جمة. وقال يوريكا فولاريفيتش منسق برنامج دعم المنظمات الأجنبية لتطوير السياسة التنموية، بمركز الهجرة الدولية والتنمية الألماني، في حوار مع DW إن هذه المساهمة يمكن أن تكون ذات أهمية بالغة للمغرب، لكنه دعا إلى إزالة العراقيل التي تحول دون انسيابية الاستثمارات التي يريد أبناء الجالية المغربية تنفيذها في بلدهم.

وحسب تقرير مكتب الاحصاء الاتحادي الألماني فإن عدد المغاربة المقيمين في ألمانيا يصل إلى نحو 81 ألف و 400مغربي، أي ما يعادل حوالي 1,1 في المائة من مجموع السكان الأجانب المقيمين في ألمانيا. أما الجهات المغربية فإنها تقدرعدد المغاربة المقيمين في ألمانيا بأكثر من 110 ألف مغربي.

حوافز لتشجيع المهاجرين على الاستثمار

من خلال تدفق التحويلات المالية التي يرسلها المغاربة المقيمين في الخارج إلى البلد الأم، يساهمون بطريقة غير مباشرة في تنمية بلدهم عن طريق تمويل الاقتصاد المغربي بشكل كبير بالعملة الصعبة، والاستغناء عنها يمكن أن يؤدي إلى النقص في الاحتياط من العملة الأجنبية، وينعكس سلبا على ميزان الأداءات وبالتالي على عملية التبادل التجاري بين المغرب وباقي دول العالم.

وحسب تقارير رسمية مغربية وأوروبية فإن، الحوالات التي يرسلها المهاجرون المغاربة من جميع أقطاب العالم تمثل حوالي 10 في المائة من الناتج الوطني الإجمالي وتساهم بشكل كبير في تمويل اقتصاد المغرب. وتنظر المؤسسات المالية والاقتصادية المغربية كمصدر وسيلة لتأمين النقد الأجنبي. وتقول الجهات الحكومية المغربية إنها تسعى لتوفير الامتيازات للمهاجرين المغاربة لتشجيعهم على ضخ الأموال إلى بلدهم، لأن الاستغناء عنها يمكن أن يدخل المغرب في مشاكل اقتصادية هيكلية.

وقد بلغ مجموع التحويلات المالية خلال السنة الماضية حوالي 54.103 مليار درهم أي ما يعادل 5 مليارات من اليورو تقريبا. وقد أشار نزار بركة وزير الاقتصاد والمالية المغربي بأن التحويلات المالية للجالية المغربية ارتفعت هذا العام بنسبة 4 في المائة رغم الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالعالم. وجاءت هذه الأرقام مخالفة لكل التوقعات التي كانت تشير إلى الانخفاض الحتمي لتحويلات المغاربة المقيمين في الخارج مستقبلا لتأثرها بالسياسة التقشفية التي تعتمدها عدة حكومات أووربية، والتي أدت إلى ارتفاع نسبة البطالة.

دور استراتيجي للمجتمع المدني

وتحاول مجموعة من المنظمات والجمعيات المغربية في ألمانيا المساهمة في تنمية المغرب عن طريق تمويل مشاريع إنسانية أو تقديم مساعدات علمية وعملية في المغرب. وتأتي هذه المشاريع غالبا على شكل شراكة بين جمعيات مغربية ومنظمات أو مؤسسات ألمانية وتعد هذه الجمعيات حلقة وصل بين ألمانيا والمغرب.

كما يلعب مركز الهجرة الدولية والتنمية الألماني دورا كبيرا عن طريق برامج تنموية، لأن ألمانيا ترى في الجالية الأجنبية مؤهلة للمساهمة في السياسة التنموية للبلد الأم، لذلك تشجع الحكومة الألمانية الجمعيات الأجنبية في إطار برامج تنموية للنهوض بهذه البلدان، كما يقول (JuricaVolareviو) يوريكا فولاريفيتش منسق برنامج دعم المنظمات الأجنبية لتطوير السياسة التنموية، بمركز الهجرة الدولية والتنمية الألماني. ويضيف فولاريفيتش: "نقوم بمساعدة الكفاءات المغربية في الحصول على وظيفة في البلد الأم للاستفادة من خبراتهم العلمية، أو نساعد من خلال برنامج تمويلي من يريد تأسيس مشروعه الخاص، لأننا نرى في الجالية المغربية القدرة على المساهمة في تنمية المغرب".

ولتسهيل عملية سير هذه المشاريع واندماج الكفاءات المغربية في المجتمع المغربي توجد هناك شبكات معلومات وإرشادات للعائدين إلى أرض الوطن، وتعتبر جمعية العائدين في الرباط مركزا للمعلومات وبورصة للتعارف. ويدعم معهد غوته في الرباط أيضا شبكة المعلومات عن طريق عقد حلقات دراسية تعد فرصة لتبادل الخبرات بين العائدين والذين يرغبون في العودة إلى بلدهم.

ويقول خبراء إن دور المجتمع المدني في عملية ادماج المهاجرين في تنمية بلدهم الأم، يتجاوز مجرد تقديم المشورة وتسهيل التواصل، فهو يلعب أيضا دورا استراتيجيا في مراقبة أداء الجهات الحكومية وتسليط الضوء على مظاهر الفساد والبيروقراطية التي تعرقل مساهمة المهاجرين في تنمية بلدهم.

آفاق واعدة تكبحها العقبات

ولا يخلو طريق مساهمة المهاجرين المغاربة في تنمية بلدهم من المصاعب، وهي تتمثل، حسب الخبراء، بالأساس في ﻏﻴﺎب ﺴﻬﻴﻼت اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ والبيروقراطية والرشوة، وتقف هذه العقبات أمام الكفاءات المغربية والمشاريع التنموية. ومن جهتها، ترى الحكومة المغربية في الكفاءات والجمعيات المغربية في ألمانيا ثروة في تحريك عجلة النمو في المغرب. وتقوم بتدابير لتحفيز الكفاءات المغربية للالتحاق بأرض الوطن، ومن بين هذه التدابير تقديم وزارة العمل المغربية معونة صغيرة لمن يريد تأسيس مشروعه الخاص.

ويقوم المغرب أيضا بدعم تحويلات المهاجرين وإنعاش استثماراتها وإعفاء الحكومة للتحويلات من الرسوم التي تفرضها المصارف أثناء التحويل المالي. إلى جانب ذلك يحاول المغرب بطرق مختلفة ربط المهاجرين والجمعيات المغربية ببلدهم الأم، فقد أنشأ في عام 1990 وزارة مخصصة للمغاربة المقيمين في الخارج تابعة لوزارة الخارجية لتوطيد العلاقة بين الإدارة المغربية والجمعيات في ألمانيا.

الجانب الألماني يسعى هو الآخر للاستفادة من هذه الكفاءات والجمعيات٬ لأنه يرى فيها وسيلة وآفاقا لجعل أبناء الجالية يساهمون بشكل أفضل في تنمية البلد الأم أولا، وثانيا حافزا لنشر المعرفة العلمية الألمانية للاستفادة من ذلك اقتصاديا مستقبلا. ولتجاوز الصعوبات التي تقف أمام هذه الجمعيات والكفاءات يرى يوريكا فولاريفيتش منسق برنامج دعم المنظمات الأجنبية لتطوير السياسة التنموية أن هذه الجمعيات في حاجة ماسة ليس فقط لتمويل مالي وإنما أيضا إلى تأطير المشرفين ودعمهم في الاحترافية المهنية لتسيير ناجح لهذه الجمعيات.

كما يؤكد على أن هذه الجمعيات تفتقد إلى التواصل فيما بينها من أجل تبادل الخبرات واستغلال الكفاءات والأفكار الجديدة. ويقوم مركز الهجرة الدولية والتنمية بالتعاون مع الجمعية الألمانية للتعاون الدولي في إطار برامج تنموية على تقديم مساعدات لتمويل أنشطة المهاجرين المغاربة وتقديم مشورات لجعل مشاريعهم أكثر استدامة وتوجيه فعال.

12-11-2012

المصدر/ شبكة دوتش فيله

Google+ Google+