قام عدد من الناشطين المغاربة من فريق الموقع الإلكتروني Morocco World News، وأمريكيون أيضا من أصدقاء المغرب، بتوجيه رسالة عبارة عن عريضة تهم قضية الصحراء المغربية إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما، أياما بعد إعادة انتخابه لولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية.
وتهدف عريضة أبناء الجالية المغربية في أمريكا، الموجهة إلى أوباما، إلى التعريف بقضية الصحراء لدى الرأي العام الأمريكي، وحث أصحاب القرار في الإدارة الأمريكية على لعب دور ريادي في القضية من أجل التعجيل بالتوصل إلى حل يرضي طرفي النزاع ويحفظ مصالحهما، وذلك في خضم الجمود الذي تعرفه هذه العملية بسبب عدم فعالية النهج الذي اتبعته الأمم المتحدة لحد الآن من أجل المساعدة على التوصل إلى حل سياسي مقبول للطرفين.
ولفتت الرسالة إلى الارتباط التاريخي للصحراء بالمغرب من خلال بيعة مختلف القبائل الصحراوية، مبرزة أن المغرب كان هو البلد الوحيد الذي دفع اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بتصفية الاستعمار في نهاية خمسينيات القرن الماضي إلى إدراج الصحراء على لائحة الأراضي التي كان يجب تحريرها من قبضة الاستعمار، قبل أن تطلب الرسالة من الولايات المتحدة أن تضطلع بدور أكثر إيجابية، وأن تعمل على دفع مجلس الأمن على تبني نهج أكثر فاعلية وقابل للتطبيق على الأرض..
ويأمل الواقفون وراء هذه المبادرة في أن يقوم المغاربة بالتوقيع على العريضة المقدمة للرئيس الأمريكي بشكل كبير، لإظهار مدى تعلق الشعب المغربي بوحدته الترابية ومدى اهتمامه بهذا الموضوع، وكبح جماح الحملات الدعائية التي يقوم بها البوليساريو والموالين له داخل أمريكا.
وفي ما يلي نص الرسالة:
السيد الرئيس،
اسمحوا لنا في البداية أن نهنئكم بالنيابة عن المغاربة الأميركيين والمغاربة في الولايات المتحدة والشعب المغربي قاطبةً على إعادة انتخابكم مع تمنياتنا لكم بالنجاح في مساعيكم في قيادة الولايات المتحدة خلال فترة ولايتكم الثانية.
السيد الرئيس،
تزامن يوم إعادة انتخابكم مع يوم عزيز على المغاربة، وهو ذكرى المسيرة الخضراء. قبل سبعة وثلاثين عاماً، قام 350 ألف مغربي ومغربية المغاربة بمسيرة إلى الأقاليم الجنوبية في الصحراء، من أجل استعادة سيادة بلادهم على هذه الأرض المتنازع عليها للأسف الشديد حتى يومنا هذا.
كانت الصحراء، التي يطلقاً بشكل خاطئ الصحراء الغربية، كانت لقرون طويلة تابعة للمملكة المغربية من خلال بيعة القبائل المختلفة. وكانت "للبيعة" في المجتمعات الإسلامية قيمة التصويت في الوقت الحاضر. غير أن هذه الوحدة الترابية للمغرب تغيرت في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين بعدما قامت فرنسا واسبانيا بتقسيم المملكة المغربية فيما بينها، بينما حصلت على مستعمرات أخرى في أفريقيا.
وعندما حصل المغرب على استقلاله من فرنسا عام 1956، ضلت أراضي أخرى تحت السيادة الاسبانية. وفي أوج مرحلة تصفية الاستعمار في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، كان المغرب هو صاحب المصلحة الوحيد في مسألة الصحراء. كما كان البلد الوحيد الذي جعل لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار (اللجنة الرابعة) التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة تنظر لهذا المسألة. وبناءً على إصرار المغرب، أدرجت هذه الهيئة الأممية الصحراء في قائمة الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، التي كان يلزم تحريرها من الاستعمار.
ولم يظهر البوليساريو، الذي يدعي أنه الممثل الشرعي والوحيد للسكان الصحراويين، على الساحة حتى عام 1973. وبعد الحرب التي اندلعت بين المغرب والبوليساريو منذ 1976 حتي 1991، اختارت الأمم المتحدة مسار التفاوض كحل لوضع حد لهذا النزاع.
غير أنه بعد عشر سنوات من المحاولات غير المجدية لتنظيم استفتاء في الصحراء، بسبب عدم وجود اتفاق بين الطرفين على أهلية الناخبين، دعت الأمم المتحدة الجانبين لإيجاد حل سياسي دائم ومقبول للطرفين.
وفي أبريل 2007، قدم المغرب مقترح الحكم الذاتي، الذي أشاد به مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة واعتبره حل "جدي" و"ذات مصداقية" لوضع حد للنزاع. غير أن جبهة البوليساريو، ومؤيديها (الجزائر وجنوب أفريقيا) يتمادون في الادعاء بأن الحل الوحيد المقبول يجب أن يكون من خلال استفتاء تقرير المصير. وقد وصل العديد من الخبراء في السنوات الأخيرة، بما في ذلك المبعوث الخاص السابق للأمم المتحدة للصحراء بيتر والسوم، إلى استنتاج مفاده أن لا يمكن إقامة دولة قابلة للحياة في الصحراء.
وبعد أربع جولات من المفاوضات الرسمية و تسع جولات من المحادثات غير الرسمية منذ عام 2009، اتضحت محدودية نهج الامم المتحدة للصراع. ويرجع ذلك جزئياً إلى حقيقة أن الأمم المتحدة ركزت فقط على الاستقلال الكامل باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق تقرير المصير للسكان الصحراويين، في الوقت الذي تجاهلت فيه السبل الأخرى الممكنة لتحقيق تقرير المصير: الارتباط الحر والاستقلال الذاتي، والتي كانت الأساس لحل نزاعات أخرى. وبالتالي، فإن خطة الحكم الذاتي المغربية، هي حل وسط يمكن أن يلبي مطالب الجانبين: الحفاظ على الصحراء داخل الدولة المغربية، في الوقت الذي يسمح أيضا بتقرير المصير.
حان الوقت لقيام الأمم المتحدة برسم مسار جديد ولمشاركة حقيقية وإيجابية للولايات المتحدة
تتجلى مغالطة نهج المجتمع الدولي في حل هذا الصراع الطويل الأمد في التعامل معه على غرار العديد من المستعمرات الأوروبية السابقة الأخرى في أفريقيا وآسيا من خلال إنشاء دول مستقلة جديدة على أساس حدودها الاستعمارية التعسفية. ففي الوقت الذي يمكن اعتبار ذلك النهد مناسباً وخاصة في البلدان التي لم تكن فيها قومية تاريخية قديمة، فمن الواضح أن هذا المعطى لا ينطبق على المغرب. وبالتالي، فمن الطبيعي ألا يرضى المغاربة بتقسيم بلادهم بالشكل الذي وضعته فرنسا واسبانيا.
السيد الرئيس،
كأمريكيين من أصول مغربية ومغاربة مقيمين في الولايات المتحدة، نناشدكم باستعمال حكمتكم من أجل الدفع بالمفاوضات المتوقفة إلى الأمام. وقد اكتسى انخراط بلادكم أهمية كبيرة، خاصة مع التحديات الخطيرة والمزعزعة للاستقرار التي تواجه المغرب العربي ومنطقة الساحل، على رأسها انتشار الأنشطة الإجرامية والإرهابية.
يجب اعتبار التحديات التي تواجه مالي بمثابة جرس إنذار لزعماء العالم بأن هذه المنطقة بحاجة إلى الاهتمام والالتزام المتزايد من جانب المجتمع الدولي. وإن غياب سلطة الدولة في مخيمات تندوف بسبب هذا النزاع الذي عمر طويلاً، والظروف البائسة التي يعيش فيها ما يقارب 80 ألف شخص، يعيشون في عزلة كاملة، تجعل هؤلاء السكان عرضة للشبكات الإرهابية والإجرامية التي تعمل في جميع أنحاء المنطقة. وقد اتضح ذلك بشكل جلي في أكتوبر 2011 عندما تم اختطاف ثلاثة من العاملين في المساعدات الإنسانية داخل المخيمات التي تديرها البوليساريو من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
السيد الرئيس،
ليست في مصلحة أي أحد أن يمتد النزاع لسنوات أخرى. ومن ثم الحاجة إلى إيجاد أرضية مشتركة من شأنها أن تمكن كلا الطرفين، المغرب وجبهة البوليساريو، من التوصل إلى حل يحفظ مصالحهما.
وفي هذا الصدد، ندعوكم لاستخدام نفوذ بلدكم في مجلس الأمن للضغط من أجل اعتماد مقاربة تأخذ بعين الاعتبار الواقع على الأرض، وتقدم حلاً قابلاً للتطبيق. فعلى الرغم من خطة الحكم الذاتي المغربية قد تكون لا تتسم بالكمال، إلا أنها تتماشى مع القانون الدولي ومبادئ تقرير المصير. كما تشكل أساسا للتوصل إلى حل نهائي للصراع، إذ تقدم حلاً وسطاً بين الاستقلال والحكم المركزي.
وقد يجادل البعض أن المغرب لا يحترم حقوق الإنسان، إلا أنه البلد العربي الذي تلقى الكثير الثناء على التقدم الديمقراطي التي حققه خلال العام ونصف الماضي. وإن التغييرات التي حدثت تعطينا الثقة بأن المغرب يسير على مسار إيجابي، وأن هناك المزيد من الالتزام باحترام حقوق الإنسان، وأن الحكومة المغربية سوف تحترم أي ترتيبات متعلقة بالحكم الذاتي.
ومن ناحية أخرى، تتعالى كثير من الأصوات التي تعبر عن مخاوفها بشأن سجل حقوق الإنسان لجبهة البوليساريو، في الوقت الذي لا زالت والجزائر والبوليساريو ترفضان السماح للمفوضية السامية لحقوق اللاجئين بإجراء تعداد للسكان في مخيمات تندوف.
في هذه المرحلة، ما لا تحتاجه منطقة الساحل وشمال أفريقيا هو دولة فاشلة وغير قابلة للحياة، من شأنها أن تقع في نهاية المطاف في قبضة المنظمات الإجرامية والإرهابية. فما تحتاجه هذه المنطقة هو وجود دول قوية من شأنها أن تحافظ على الاستقرار في المنطقة وبالتالي الحفاظ على مصالح حلفائها، بما في ذلك الولايات المتحدة. كدولة راسخة، فسوف لن يوفر المغرب للسكان الصحراويين حق تسيير شؤونهم بأنفسهم فقط ، بل سيوفر أيضاً الحفاظ على الأمن في المنطقة.
السيد الرئيس،
كأعضاء في الجالية المغربية المقيمة في الولايات المتحدة، ننقل لفخامتكم تطلع الشعب المغربي لرؤية بلادكم تلعب دوراً فعالاً في التوصل لحل نهائي لهذا الصراع بطريقة تحترم حقوق كلا الطرفين. وإننا على ثقة في قيادتكم المثالية، ونأمل أن نرى بلدكم ينخرط في عملية حقيقية نحو تسوية نزاع الصحراء.
15-11-2012
المصدر/ موقع هيسبريس