تحتل الكوت ديفوار مكانة خاصة بالنسبة للمغرب في مجال الهجرة باعتبارها أول وجهة إفريقية للهجرة المغربية، ويبلغ عدد المغاربة المقيمين بهذا البلد حوالي 3000 فرد، كما تعيش وسط المغرب جالية إيفوارية تمثل حوالي 10 في المائة من مجموع المهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء الكبرى للإقامة فوق التراب المغربي.
وعلى الصعيد المؤسساتي، يعتبر المغرب واحدا من البلدان الإفريقية التي حاولت مراكمة تجارب رائدة في مجال تدبير الهجرة، حيث حظي هذا الملف باهتمام خاص من لدن الدولة التي تقرنه باعتبارات استراتيجية وأفردت له نسيجا مؤسساتيا مكلفا بالإحاطة الشاملة بمختلف جوانب ملف الهجرة ومغاربة العالم، كل من موقعه ووفق اختصاصات محددة لكل مؤسسة.
وإذا كان المغرب قد قطع أدوارا مهمة في التعاطي التدبيري مع قضايا الهجرة، سواء هجرة المغاربة إلى دول أخرى أو الهجرة الوافدة على المغرب، خاصة بعد تحول المملكة من "بلد عبور" إلى "بلد استقبال"، وإطلاق استراتيجية وطنية تهمّ الهجرة، والإعلان عن تسوية الوضعيات القانونية للمهاجرين بالمغرب، فإن دولا إفريقية أخرى ما تزال في بداية مشوار يروم إعداد سياسة متكاملة لتدبير التحركات البشرية، وهو حال الكوت ديفوار التي أبدى عدد من مسؤوليها رغبة في الاستفادة من خبرات المغرب في هذا الميدان.
من أجل الرفع من إيقاع التنسيق بين المغرب والكوت ديفوار في قضايا الجاليات بالخارج وقعت "وزارة الاندماج الإفريقي والإيفواريين بالخارج"، عبر مسؤوليها بأبيدجان، مع مجلس الجالية المغربية بالخارج مذكرة تفاهم وتعاون، بحضور الملك محمد السادس والرئيس الإيفواري الحسان واتارا، على هامش الزيارة الرسمية التي يقوم بها الأخير نحو المغرب بمعية وفد هام من المسؤولين.
ويلتزم طرفا هذه الاتفاقية، التي وقعها عن الجانب المغربي الكاتب العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج عبد الله بوصوف، وعن الجانب الإيفواري وزير الاندماج الإفريقي والإيفواريين بالخارج علي كوليبالي، بتقوية التعاون والتنسيق في مجال تدبير الجاليات بالخارج، وهذا وفقا لما تقتضيه قوانين كل بلد، وأشغال التعاون المشترك ومساعي تبادل الخبرات في هذا المجال.
وتسعى وزارة الاندماج الإفريقي والإيفواريين بالخارج، من خلال هذه الاتفاقية بالأساس، إلى الاستفادة من الخبرة التي راكمها مجلس الجالية المغربية بالخارج باعتباره مؤسسة استشارية واستشرافية معنية بضمان المتابعة والتقييم للسياسات العمومية للمملكة تجاه مواطنيها الكائنين وسط بلدان استقبال عبر ربوع العالم، وذلك من خلال تقديم دعم تقني للوزارة الإيفوارية ومساعدتها على خلق مؤسسة مماثلة على شاكلة "مجلس أعلى للإيفواريين بالخارج".
ويأتي التوقيع على هذه الاتفاقية ليكون ثمرة عمل مشترك بين المؤسستين، خلال السنة الأخيرة، مباشرة بعد الدورة السابقة للمعرض الدولي للنشر والكتاب التي توجت بتنظيم عدة لقاءات لمسؤولي كلتا المؤسستين في المغرب وفي الكوت ديفوار.. كما يندرج هذا الاتفاق في إطار مسعى مجلس الجالية المغربية بالخارج لتشكيل شبكة مجالس مماثلة تعنى بقضايا الهجرة والجاليات المهاجرة على صعيد دول غرب إفريقيا.