القاهرة - حظر بناء مآذن بسويسرا مقدمة لجدل ثقافي وأيديولوجي حول الإسلام

الثلاثاء, 29 دجنبر 2009

يرجح باحث مصري أن الاستفتاء الشعبي السويسري الذي أيد الشهر الماضي حظر بناء مآذن جديدة في البلاد سيكون مقدمة لنقاش حول تأثير المظاهر الإسلامية في المجتمعات الغربية ثقافيا وأيديولوجيا ولكن باحثين سويسريين نفيا أن يكون «جيتو المسلمين» نقطة انطلاق لعمليات توسع.

ويقول حسام تمام في مقدمة كتاب «معارك حول الإسلام في الغرب.. مبادرة منع المآذن في سويسرا» أن هذه القضية أحدثت مفارقة تمثلت فيما يشبه اتفاقا غير مقصود بين السلفيين الإسلاميين واليمين المتشدد في الغرب فالنوع الأول يعتبر المآذن «صنفا من الإبداع المذموم» وليس لها مبرر ديني كما يرى اليمين المتطرف في سويسرا أن المئذنة «تحمل تعبيرا سياسيا ودينيا في آن واحد وأنها تحيل إلى القوة وترمز إلى طابع التوسع الإسلامي في الغرب مع ما يتضمنه من تهديد للقيم المسيحية.»

وصوتت سويسرا في نوفمر تشرين الثاني الماضي لصالح حظر بناء مآذن جديدة إذ وافق نحو 5ر57 بالمئة من الناخبين على الاقتراح في استفتاء أيده حزب الشعب السويسري اليميني. ورفضت الحكومة والبرلمان السويسريين المبادرة باعتبارها انتهاكا للدستور السويسري ولحرية الديانات والتسامح الذي تتمسك به البلاد.

ولكن الحكومة التي رجحت أن هذا الحظر ربما «يخدم مصالح الدوائر المتطرفة» قالت إنها ستحترم قرار الشعب ولن يسمح ببناء مآذن جديدة.

ويعيش في سويسرا البالغ عدد سكانها نحو سبعة ملايين نسمة حوالي 400 ألف مسلم معظمهم من البوسنة وكوسوفو وتركيا. ومن بين 130 و160 مسجدا في البلاد توجد أربعة مساجد فقط لها مآذن. كما يحظر رفع الأذان.

ويقول تمام إن هذا الاستفتاء «لم يفلت من سياق دولي فرضته أحداث 11 سبتمبر 2001 وهو السياق الذي شهد تنامي المخاوف الغربية من الإسلام بشكل عام ومن الإسلام السياسي بشكل خاص» وسط مخاوف أبرزها أن الإسلام يشكل الديانة الثانية في بعض الدول الغربية وهو ما يراه مراقبون تهديدا للتوزان الديموجرافي بين المسيحيين والمسلمين في هذه البلاد.

والكتاب الذي راجعه وقدم له تمام شارك فيه مجموعة من الباحثين وترجمته إلى العربية عومرية سلطاني ويقع في 167 صفحة متوسطة القطع وصدر بالتعاون بين موقع إسلام أون لاين الالكتروني ومرصد الأديان وهو معهد دراسات مستقل في سويسرا ويرأسه أستاذ التاريخ وعلم اجتماع الأديان في سويسرا جان فرانسوا مايير.

ويقول مايير في الكتاب «خلف المئذنة تختبئ قضايا مقلقة أكثر اتساعا» حيث إن للمئذنة طابعا رمزيا وان المشابهة بين مئذنة الجامع وصومعة الكنيسة محل نفي معارضين «يعتقدون أن المئذنة علامة على القوة والتوسع ورمز يحمل معنى سياسيا دينيا يهدد السلم الديني في البلاد.»

ويسجل فصل عنوانه «المسلمون في سويسرا» أن عدد المسلمين في البلاد كان قليلا قبل عام 1970 ثم وصل عددهم عام 1980 نحو 56 ألفا وأصبح العدد 152 ألف مسلم بعد عشر سنوات وبلغ العدد 310 ألاف عام 2000 «والتقديرات لعام 2010 تصل بالعدد إلى حوالي 400000» مفسرا هذه الزيادة بتدفق اللاجئين من منطقة البلقان في التسعينيات.

كما يسجل أيضا وجود كثير من الاتحادات الخاصة مثل «اتحاد المنظمات الإسلامية في سويسرا» الذي تأسس عام 2006 ويضم نحو 130 مركزا إضافة إلى خمسة اتحادات للمسلمين الأتراك وحدهم في حين يعاني المسلمون الألبان والعرب «من غياب عنصر الوحدة».

وتحت عنوان «فتح الغرب لن يحدث.. تأملات اجتماعية لتوسعية الإسلام» يقول السويسري باتريك هاني والفرنسي من أصل مغربي سمير امغاز إن الإسلام السياسي يضم تيارين رئيسين «حاولا بشدة تسييس الهوية الإسلامية في الغرب» هما الإخوان المسلمون وحركة الرأي الوطني التركية بفضل تصورهما عن عالمية الإسلام إذ ينطلق الإخوان من «سعيهم نحو الدولة الإسلامية» في بلادهم ونظرا لوجود المسلمين كأقلية في الغرب فإن الإخوان يلجأون إلى الوعظ والإرشاد أو البحث «عن دور الوسيط بين السلطة والسكان المسلمين... يتراجعون عن التعبئة وراء الأسئلة المحرجة للغرب مثل الحجاب في فرنسا أو قضية فلسطين».

ولكنهما يرصدان أيضا ما يطلقان عليه «ما بعد الإسلام السياسي» والذي يضم ثلاثة توجهات هي الانخراط في عمل سياسي يخلو من البعد الديني أو البحث عن «الدين النقي والذي تؤطره السلفية الوهابية القادمة من المملكة العربية السعودية» أو التطبيع الثقافي الذي يهدف إلى الاندماج في المجتمع.

ويسجلان أيضا وجود جيتو للمسلمين بمعنى تجمعات معزولة إذ إن « جيوب المسلمين هي حقيقة واقعية في أوروبا لكنها لا تشكل نقطة انطلاق لعملية توسع إسلامي ولا حصان طروادة يخترق الغرب» ولكن المسجد في هذا السياق يتعارض مع منطق الجيتو لأنه يشكل في رأيهما مجالا للتفاوض مع المحيط السياسي والاجتماعي.



رويترز
29.12.2009

الصحافة والهجرة

Google+ Google+