الجمعة، 05 يوليوز 2024 22:34

أصدر مشروع "كلمة" للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، كتاباً جديداً بعنوان"فرنسا ومسلموها... قرن من السياسة الإسلامية لفرنسا: 1895 -2005"، وهو من تأليف الباحث الجزائري صادق سلام وترجمته للعربية زهيدة درويش جبور، يستعرض الكتاب المحطات الأساسية في تاريخ الإسلام في فرنسا و دخول المسلمين اليها كما يشرح العلاقات بين فرنسا والمسلمين في الفترة بين 1830 و 2004 و تأسيس "المجلس الفرنسي للدين الإسلامي"، بقرار من وزارة الداخلية الفرنسية.

17-09-2012

المصدر/ جريدة البيان الإماراتية

في شارع "فيرمونت" بالعاصمة الأميركية واشنطن، يقع مبنى صغير أحمر ملحق بكنيسة القديس "لوثر" تتحلق حوله عدد من النساء الأميركيات من أصول إفريقية يحملن أكياسا بلاستيكية صغيرة. كانت النساء تتبادلن أطراف الحديث بصوت خافت وهن تنتظرن دورهن للدخول إلى المبنى وإسمه "ملجأ القديس لوثر" للحصول على الطعام والرعاية الصحية.

سامنتا كريغ، أميركية من أصول إفريقية في منتصف عقدها الخامس، كانت ترتدي سروالا داكنا وسترة سوداء وتحمل عددا من الأكياس البلاستيكية الصغيرة بداخلها ملابس ومعلبات. قالت إنها جائعة ولم تتناول أي شيء منذ يوم أمس وإنها جاءت للملجأ لأنها فشلت في تدبير طعامها.

"فقدتُ عملي كبائعة في محل للعطور منذ سنوات ومن ثم فقدت بيتي وكل ما كنت أملك. أصبحتُ مشردة أسأل الناس المساعدة إلى أن أخبرتني إحدى الصديقات بأمر هذا الملجأ الذي يقدم الطعام للنساء من أمثالي"، هكذا تحدثت سامنتا بنبرة حزينة.

وأضافت أنها فقدت الأمل نهائيا في الحصول على عمل واستسلمت لواقعها الجديد كمشردة بسبب تدهور الاقتصاد الأميركي وفقدان الكثير من الناس لوظائفهم يوما بعد يوم.

مرحلة مؤقتة أم واقع جديد في أميركا؟

سامنتا ليست المرأة الوحيدة التي فقدت وظيفتها وتغير حالها من امرأة عاملة تملك شقة وسيارة وتعيل نفسها إلى مشردة لا تملك ما تسد به رمقها ولا سقفا يأويها في ليالي الشتاء القارسة، فحسب إحصائيات رسمية لمعهد الإحصاء الأميركي فإن عدد الفقراء في أميركا فاق 46 مليون شخص ، كما تراجع دخل الفرد الأميركي بشكل غير مسبوق.

كما خلصت دراسة أخرى أجراها معهد "بروكينغز" إلى أن نحو 40 بالمئة من السكان الذين يقطنون المناطق الفقيرة يعيشون تحت خط الفقر وأنهم يتركزون في الولايات الجنوبية.

ووصف عدد من المراقبين هذه الأرقام بالصادمة والمخيفة، من بينهم الخبير الاقتصادي توني أفيرغان من معهد السياسات الاقتصادية EPI الذي قال في اتصال مع موقع "راديو سوا" إن الاقتصاد الأميركي يشهد أزمة خانقة، لكنه نبه إلى أن أميركا مرت بأزمة أسوأ خلال مرحلة الركود الكبير.

وقال إنه "يجب ألا ننسى أن الولايات المتحدة مرت بظروف اقتصادية صعبة للغاية بعد الحرب العالمية الثانية وأن الظروف كانت أسوأ بكثير آنذاك. العالم أجمع يمر بأزمة اقتصادية عميقة حاليا وخصوصا أوروبا حيث تعاني اقتصادات بعض بلدانها أزمة أعمق".

وأعرب أفيرغان عن اعتقاده بأن الاقتصاد الأميركي سيشهد المزيد من التدهور خلال الفترة المقبلة بسبب تداعيات الجفاف الذي تعاني منه أميركا حاليا وتراجع الاستهلاك المحلي وارتفاع نسبة البطالة، قبل أن يتعافى مجددا إن توفرت الشروط الملائمة لذلك.وتـَظهر تداعيات الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أميركا جلية في منطقة واشنطن الكبرى، حيث تصادفك أعداد من المشردين أمام محطات المترو، كما باتت صور المتسولين الذين يقفون في مفترقات الطرق ويحملون لافتات يستجدون من خلالها المساعدة المالية منظرا مألوفا أيضا.

شظايا الأزمة تصيب المهاجرين العرب

وأرخت الأزمة الاقتصادية الحالية بظلالها القاتمة على المهاجرين العرب في أميركا أيضا.

فيصل صماكة، شاب مغربي في نهاية العشرينات من عمره هاجر إلى ولاية فيرجينيا قبل سنة ونصف وقضى أكثر من نصف هذه المدة وهو يحاول العثور على عمل مناسب لكنه فشل في ذلك وأصيب بإحباط شديد.

وقرر فيصل مؤخرا التسجيل في الجامعة بالموازاة مع بحثه عن العمل الذي هاجر في سبيله إلى هذه البلاد.

قال فيصل "لقد تركت أسرتي التي أحبها كثيرا في مدينة تازة المغربية وجئت إلى أميركا أملا في الحصول على عمل جيد وبناء مستقبل أفضل لكنني صُدمت بالواقع المرير الذي أصبح يعيشه الأميركيون بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بلادهم".

وأضاف فيصل في تصريح لموقع "راديو سوا" أنه قرر التسجيل في جامعة "نوفا" من أجل الحصول على شهادة جامعية تساعده في الحصول على عمل جيد مستقبلا لأن الأعمال المتوفرة حاليا للمهاجرين من أمثاله لا يتجاوز دخلها ستة دولارات في الساعة، في حين يصل الحد الأدنى للأجور في أميركا إلى سبعة دولارات و25 سنتا للساعة الواحدة.

ومضى فيصل يقول بلهجة منكسرة "أتابع دراستي الجامعية حاليا وأعمل بنصف دوام في شركة صغيرة للتموين تابعة للجامعة بعدما فشلتُ في العثور على عمل مستقر وجيد طوال الشهور الماضية".

مؤشرات صادمة

وأفادت آخر الأرقام التي نشرها معهد الإحصاء الأميركي (إحصاء 2010) بأن واحدا من بين كل سبعة أميركيين فقير، وأن نسبة الفقر تكاد تبلغ 15 في المئة من سكان الولايات المتحدة.

ووصف الخبير الاقتصادي توني أفيرغان هذه الأرقام بالصادمة، وأفاد بأنه شاهد مظاهر البؤس الشديد في عدد من مدن ولاية تينيسي التي زارها قبل أسبوع.

وقال إنه "في الولايات الجنوبية يمكنك فعلا أن تلمس مظاهر الفقر. لقد شاهدت أمورا صادمة تثير الغضب في ولاية تينيسي، إنه أمر محزن وصادم أن يحصل كل هذا الفقر في واحدة من أكثر دول العالم ثراء".

ومن ناحيتها قالت آن مكريدي وهي مديرة البرامج في ملجأ "إن ستريت" بالعاصمة واشنطن إن عدد الفقراء والمشردين الذين يقصدون الملجأ ارتفع بشكل ملحوظ منذ عام 2008.

وأضافت أن "الإحصائيات المتوفرة لدينا تفيد أن عدد المشردين في العاصمة واشنطن ارتفع بنسبة 15 في المئة منذ 2008 ما يعني أن واحدا من كل 100 شخص يسكنون في واشنطن بات مشردا، كما ارتفع عدد النساء الفقيرات اللائي يستفدن من خدمات الغذاء والرعاية الصحية بنسبة 39 في المئة".

وقالت إنه بالتزامن مع ارتفاع نسبة الفقر تراجعت نسبة التبرعات الخيرية بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية.

وأضافت مكريدي في اتصال مع موقع "راديو سوا" إن ملجأ "إن ستريت" غيّر استراتيجيته المالية للسنوات الأربع القادمة بسبب تراجع قيمة التبرعات خلال السنتين الأخيرتين وقرر استعمال الاحتياطي المالي الذي يخصصه عادة للحالات الطارئة.

وتوجد مواقع متعددة على شبكة الإنترنت ترصد مؤشرات الفقر في الولايات المتحدة يأتي في مقدمتها موقع Bread الذي يفيد بأن طفلا واحدا من بين كل خمسة أطفال في أميركا يعاني من خطر المجاعة وأن هذه النسبة تصل إلى واحد من كل ثلاثة أطفال في صفوف الأقلية السوداء والأقلية اللاتينية أو ما يطلق عليهم في أميركا "الهيسبانك".

وبدوره يتوقع معهد "إيربن" أن يعيش أكثر من نصف الأميركيين بعد سن 65 عاما تحت خط الفقر مشيرا إلى أن 44 في المئة من الأطفال الأميركيين يعيشون حاليا وسط عائلات ذات دخل محدود تعجز عن توفير الحاجيات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية والتعليم.

وتعتبر الحكومة الأميركية أن كل شخص يعيش في أسرة تتكون من أربعة أشخاص لا يفوق دخلها السنوي 22 ألف دولار فقيرا.

مذكرات صحافية

عندما حملتُ مسجلتي وقصدت ملجأ "لوثر" في العاصمة واشنطن الأسبوع الماضي لجمع المعلومات حول ارتفاع مؤشر الفقر في أميركا، توقعتُ أن أشاهد مظاهر البؤس والحاجة لكنني صدمتُ كثيرا بمستوى الفقر الشديد في واشنطن وحالات نساء معدمات لا يملكن ما يسد رمقهن ويفترشن الأسمال بالشوارع العامة بعدما فقدن وظائفهن وكل ما يملكن.

الحديث مع سامنتا كريغ كان مؤلما لأن تلك السيدة التي كانت تلتهم حساءها وقطع الجبن والخبز المحمص بسرعة فائقة وهي تشرح لي وضعها المزري ليست وحيدة، بل كانت هناك نساء كثيرات تختلف قصة كل واحدة منهن لكن النهاية كانت هي نفسها: التشرد.

مظاهر الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أميركا باتت في كل مكان: المطاعم التي تبحث جاهدة عن زبائن، والمشاريع الاقتصادية الصغيرة التي تقفل أبوابها تباعا، والمنازل التي يتخلى أصحابها عنها بعدما عجزوا عن دفع أقساط الديون الشهرية، والإقبال الشديد على "الكوبونات" (بطاقات الخصم المسبق) التي "يتسلح" بها المتسوقون في المحلات التجارية والتخفيضات المبالغ فيها التي تعلن عنها الأسواق التجارية.

لن أنسى أبدا ذلك المشرد الذي صادفته في مطعم ماكدونالدز المجاور لإحدى بنايات وزارة العدل في واشنطن: شيخ هزيل يرتدي قميصا رثا بشعر رمادي طويل غير نظيف. قال إنه محارب سابق وإنه فقد بيته وسيارته بعدما فقد وظيفته واضطر للمبيت تحت الجسور ليلا واستجداء الناس نهارا لشراء الغذاء.

حكى لي هذا الشيخ قصته المؤثرة ثم طلب مني بعد ذلك دولارات كي يشتري شايا مثلجا وبيرغر من ماكدونالدز. منحتـُه الدولارات وتذكرتُ فقراء العالم الثالث الذين يتسولون لشراء قطعة خبز يسدون بها رمقهم ورمق أبنائهم فهم لا يحلمون أبدا بتناول وجبة طعام من ماكدونالدز، إنه الفقر على الطريقة الأميركية! وتذكرتُ أيضا الملايين حول العالم الذين يحلمون بالهجرة إلى الولايات المتحدة، أرض الأحلام في نظرهم، دون أن يعرفوا أن الأزمة الاقتصادية حولت أحلام الكثير من الأميركيين إلى كوابيس.

17-09-2012

المصدر/ راديو سوا

في الوقت الذي تشدد الدراسات الحديثة على أهمية الختان، بوصفه صحيا وله فوائد جمة على صحة الرجل والمرأة عموما، ما تزال بعض الدول تشدد خناقها على الجالية المسلمة عموما والمغربية خصوصا، لمنعهم من ممارسة هذا الطقس الديني، الذي يعتبر ورقة مرور نحو الرجولة و«الدخول إلى الإسلامية»، كما ينعته الكثيرون، الشيء الذي حذا بالعديد من المغاربة، قبيل افتتاح الموسم الدراسي، إلى العودة إلى وطنهم المغرب من أجل إعذار أطفالهم، بعيدا عن أنظار السلطات الأوربية، التي منعت الختان بوصفه شعيرة دينية، بل ووضعته ضمن خانة جرائم الإيذاء الجسدي للأطفال، والتيُ يعاقـَب مرتكبوها بالسجن. «المساء» التقت بمجموعة من الأمهات، للوقوف على الدواعي الدينية والاجتماعية وكذا الثقافية التي تقف وراء زيارتهم لوطنهم بعد انصراف رمضان، وحيث تشرف المدارس في أوربا على افتتاح عامها الدراسي، فكان الربورتاج التالي.

تختلف أهداف الزيارة بالنسبة إلى المهاجرين المغاربة من مهاجر إلى آخر، فمنهم من يخصصون عطلهم الصيفية للارتباط أو لاقتناء مساكن، وآخرون وذيخصصها لإقامة حفل «العقيقة» أو إعذار أطفالهم، حيث يتعذر عليهم ذلك في بلاد الإقامة، ليضطرروا إلى العودة، ولو مكرهين، نظرا إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، التي حرمت بعضهم من السفر وزيارة الوطن، وحتى من مصدر عيشه، والذي ترك لأجل الحصول عليه وطنه وأهله.. ويعود السبب إلى واقعة قضائية غيّرت القانون الألماني، بعدما قام والدان مسلمان أرادا ختان ابنهما، البالغ من العمر أربعة أعوام، بتقديم شكوى ضد الطبيب الذي قام بالختان، إثر تعرض ابنهما لنزيف ثانوي بعد العملية، ما دفع الأم إلى الاستنجاد بقسم المستعجلات لإنقاد طفلها، حيث ذكر الطبيب المعالج أن الأمر لم يكن بموافقة الطفل على العملية، فأبلغ الشرطة، لتتخذ القضية أبعادا عدة، بإثارتها جدلا دينيا وقانونيا، حقوقيا وصحيا، حيث توالت الآراء المؤيدة والمعارضة، والتي لم تعط الأولوية لحرية الوالدين الدينية أو حريتهما في تربية أطفالهما، بل رأت الأولوية في حق الطفل في السلامة الجسدية، على اعتبار أن الختان يُحدث تغييرا دائما غيرَ قابل للإصلاح، بحجة منح الطفل الحرية في اختيار انتمائه الديني وليس فرضه عليه من قِبل أبويه..

الخوف من السجن

يوصف الختان، في المفهوم الثقافي المغربي، بكونه المَعبَر الضروريّ للطفل من عالمه، البرىء، إلى عالم الرجولة وما يفرض من واجبات، إلى جانب كونه شهادة انتماء إلى العقيدة الإسلامية، يوقعها الطفل فور إعذاره من لدن «الحجّام» أو الطبيب المختص. ومن ثمة يعد الختان مظهرا سلوكيا اجتماعيا، يتداخل فيه المقدس بالأسطوري، إذ يختلف من مدينة مغربية إلى أخرى.

تـرجع «سناء» سبب زيارتها المتأخرة للمغرب إلى رغبتها المُلحّة في إعذار طفليها، حيث قالت: «بعد أكثر من عشر سنوات من الغربة والصبر على أيامها الشديدة الكحلة، قررتُ العودة إلى المغرب لأيام معدودة، حيث أستنشق عبق الحرية والانطلاقة، وكأني كنت سجينة، ولست عاملة في المهجر، هذا الأخير الذي أعتبره مكانا لتحصيل لقمة عيش استعصت علي في وطني الأم، حيث كانت البطالة مستشرية، أما اليوم فالأمر سيان ولم يعد يختلف كثيرا عن نظيره في أوروبا، حيث نعاني مرارتها وما ينتج عن ذلك من صعوبة في العيش من جراء الأزمة الاقتصادية التي لم تستثني ويلاتها، فقيرا ولا غنيا».

تتوقف للحظة وتعود بذاكرتها إلى الزمن الجميل، والابتسامة تعلو شفتيها وتسترسل في الحديث تذكرا منها لطقوس الاحتفال في مراكش وخاصة ما يتعلق بحفل الإعذار» لقد باغتني الزمن في غفلة من أمري ، حيث الصراع مع لقمة العيش في أوروبا تنسينا كمهاجرين كل التزاماتنا سواء تجاه أسرنا بالمغرب أو أطفالنا، حيث لدي طفلين، توأم في السادسة من عمرهما، ومن الضروري القيام بعملية ختانهما، فقررت العودة إلى المغرب، بالرغم من الإكراهات المادية وما يستلزم ذلك من تكاليف مرتبطة بأجواء طقوسية لابد من العمل بها.

وتواصل بشغف حين تذكرها للتقاليد التي لا يستطيع جل المغاربة المهاجرين ممارستها ، خاصة ما تعلق منها بالختان، لتصنيفه من قبل الكثير من الدول الأوروبية ضمن الإيذاء الجسدي الذي يمكن أن يلحقه الآباء بأطفالهم ، ووضعت للحد من ذلك عقوبات زجرية، تزج بكل من خولت له نفسه تخطيها إلى السجن.

وتعدد سناء تقاليد مدينتها الحمراء والمرتبطة أساسا بالختان، والمتمثلة في حرص المراكشيين على إعداد لباس المختون والذي يتكون من طربوش وجبادور وفوقية وسروال قندريسي وبلغة إلى جانب تحضير أصناف مختلفة من الحلويات التقليدية «اللا الطام» أو «غريبة البهلة»، وكذا ديك يتم ذبحه يوم الختان وطهيه بطريقة خاصة ومميزة، تمكن الطفل المختون من استرجاع ما ضاع من قواه جراء عملية الإعذار، وقبلها تذهب الأم وطفلها إلى الحمام، استعدادا منهما في اليوم الموالي، للتزين بالحناء في جو احتفالي، لا يخو من متعة الفرجة بترديد أهازيج شعبية وأذكار نبوية، بغية التهوين على الأم والتخفيف من حدة من خوفها على سلامة ابنها، الذي يحرص المراكشيون قبل عملية إعذاره على زيارته لأحد الأضرحة، ممتطيا صهوة جواده المزين بدوره بعناية، رفقة أبيه أو أحد المقربين إليه

ومن التقاليد أيضا تضيف سناء التي يحرص عليها المراكشيون، أن تحمل امرأة غير متزوجة الطفل المختون فوق ظهرها، ليكون فال خير عليها وتتزوج.

تقاليد وأخرى تنعتها سناء بالممتعة، والتي يصعب على المهاجرين الاستمتاع بها، شأن حفلات الزفاف التي أصبح بإمكان المغاربة إقامتها في بلاد المهجر، لكن الخثان بدون مبرر طبي مازال يدخل في باب الجريمة، التي يوقعها الآباء بأبنائهم وتجب معاقبتهم.

وبدورها عادت سعيدة إلى أرض الوطن، بهدف إعذار أطفالها الثلاثة، بعدما جرم الأمر بالديار الألمانية التي ما تزال تشدد الخناق على المهاجرين المسلمين، وتمنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، خاصة ما تعلق منها بالختان، بالرغم من صدور حكم، يعتبره الكثير من المهاجرين يهم كولونيا لوحدها، مما يحتم عليهم الحذر، خوفا من السلطات الألمانية، وما يمكن أن تلحقه بهم من عقوبات تشرد أطفالهم، وتجعلهم عرضة للضياع ، لذلك فضلت سعيدة العودة إلى أرض الوطن، أواخر شهر شتنبر من أجل إعذار أطفالها

وتوضح وعيا منها بأهمية عملية الخثان بوصفها سنة نبوية، وكذا صحية على إثر تأكيد العديد من الدراسات على أهميتها في الوقاية من الأمراض الجنسية خاصة، لكن كان الأمر مثار جدل ديني وقانوني، جعل ممارسيه أمام إشكال قانوني ، برأ الطبيب من تهمة الخطأ الطبي، وحرم المسلمين خاصة من ممارستهم لحريتهم الدينية، معتبرة حفل الإعذار، مناسبة للقاء الأهل وممارسة التقاليد المغربية، التي تستحضر جزءا منها، وخاصة ما تعلق منها باللباس التقليدي الذي تحرص الأسر المغربية على اقتنائه للمختون، وكذا ركوبه صهوة الفرس والذي يغطى سراجه بقماش أحمر مزركش، و يتبعه الأهل والأقارب وحتى أبناء الحي مشاة على الأرجل إلى المسجد، حيث يقوم بزيارته ونيل البركة من إمامه، والذي تخصه أم المختون بهدايا عينية أو مادية ثم العودة إلى البيت للبدء بعملية الختان.

وفي اليوم التالي للختان, تضيف سعيدة» يخرج الطفل إلى الحي يمتطي حصانه، وبجانبه رجل يمسك لجامه، يطاف به أحياء و الشوارع في موكب تتبعه فيه مجموعات شعبية، تدق الموسيقي و إلى جانبهم الأطفال الذين يرددون بعض الأهازيج المغربية احتفالا بالطفل، هذا الأخير الذي يكون في أبهى حلله، حيث يتم تزيينه و تجميله ليتميز عن غيره من الأطفال».

أما فاطمة المقيمة بالديار الكندية، والتي لم تتمكن من العودة إلى البلد الأم، إلا بعد مرور تسع سنوات من الغربة، بدورها شدت الرحال إلى سلا من أجل ختان أطفالها الأربعة.

وتقول عن طقوس مدينتها، لكونها سلاوية الأصل «تختلف عادات وتقاليد السلاويين عن غيرهم في المدن الأخرى، حيث تفتتح الأيام الاحتفالية، بذهاب الرجال والنساء للاستحمام في أحد حمامات المدينة العتيقة ليلة الحناء، ليليها تحضير أطباق متعددة من الحلوى التقليدية ك«الغريبة» والعصرية، إلى جانب إيقاذ الشموع، وارتداء الطفل لملابس «الطهارة»، أما الأم فتزين يديها ورجليها ويدي طفلها بالحناء ، ثم تضع في رجله اليمنى ما يسمى «الكموسة» والتي تحتوي على حبات من «الحرمل» و«الشبة»، بهدف حمايته من الحسد و «العين»، «حيث تتكفل الأم بشراء لوازم «الطهارة» من حلويات ولباس خاص بالطفل، والذي يتكون عادة من «الفرجية البيضاء» و«التشامير الأبيض» والطربوش والسروال القصير والطربوش الأخضر والجوارب البيضاء و«البلغة» الصفراء و«الجبادور الأخضر».

جدل قانوني وديني

أدان مجلس التنسيق لمسلمي ألمانيا بشدة قرار محكمة كولونيا، والذي وصفه في بيانه بأنه تعد شديد الخطورة على الحرية الدينية، حيث لا يأخذ بعين الاعتبار، التقاليد الدينية المتبعة عالميا، منذ آلاف السنين لدى الفتيان المسلمين واليهود», بينما تعامل هولم بوتزكه» أستاذ قانون العقوبات في جامعة باساو) مع عملية الختان من الناحية القانونية البحتة، حيث يحتاج الطبيب لاستخدام أداة حادة لسبب مقنع يفيد مثلا إنقاذ حياة المريض أو المحافظة على صحته، ضمانا لرفاهية المريض أو في حالة جراحات التجميل،بهدف الرفع من مكانته الاجتماعية، متسائلا عن الحق الذي يملكه الطبيب في تلبية رغبة الوالدين وإزالة قلفة الطفل؟

أما بالنسبة لحرية المعتقد الديني وحرية التربية الممنوحة للوالدين، فيرى بوتزكه أن حق السلامة الجسدية يضع لهاتين الحريتين قيودا. متسائلا عما إذا كان الرجال غير المختونين أفضل أو أقل من الرجال المختونين؟ وبخصوص الفائدة الطبية للختان فيرى أستاذ القانون الألماني، بأن ما تحدثه من ألم صدمة للطفل جراء العملية ليس ضروريا طبيا، فقط من أجل الانتماء إلى مجموعة معينة، ومتسائلا :لماذا لا يؤجل اليهود والمسلمون ختان الذكور إلى وقت لاحق؟ ولماذا لا يحولونه إلى طقس رمزي، كوخزة بالإبرة مثلا؟

الوقاية من الأمراض الجنسية

قالت منظمة الصحة وبرنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز، إن إثبات فعالية الختان يشكل محطة بارزة في تاريخ الوقاية من فيروس الإيدز». وأشارت الجهتان إلى أن تأثير ذلك، سيكون أكبر، حيث إن تواتر الإصابة بفيروس الإيدز عبر علاقات جنسية بين رجل وامرأة كبير، بينما يقل عند الرجال الذين خضعوا للختان.

إلى جانب العديد من الدراسات الحديثة، حيث أصدرت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال خطوطا إرشادية جديدة، تقول إن الفوائد الصحية لختان الأطفال الذكور يفوق مخاطر هذه الجراحة، مشيرة إلى أن الختان يمكن أن يحد من خطر الإصابة بأمراض مجرى البول لدى الأطفال ويحد من خطر الإصابة بسرطان القضيب والأمراض التي تنقل من خلال الاتصال الجنسي، ومن بينها فيروس (إتش آي في) وفيروس الورم الحليمي (إتش بي في) الذي يسبب سرطان عنق الرحم وأنواع أخرى من السرطان إلى جانب فوائد أخرى، من قبيل الوقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب، التهابات المجاري البولية و الوقاية من سرطان القضيب.

شغف بالطقوس والعادات المغربية جعل فيه مغاربة المهجر، سبيلا لتجنب العقوبات السجنية التي تفرضها البلدان المضيفة على من خولت له نفسه، ممارسة شعائره الدينية، وخاصة ما تعلق منها بالختان غير المرتبط بدوافع طبية ، وكذا عيد الأضحى، بحجة أن هذا الأخير فيه تعذيب للحيوان وعدم الرفق به، والأول انتهاكا لحقوق الطفل، التي يزعمون حمايتها، بمثل هذه المضايقات، التي يعاني منها المغاربة خصوصا -بوصفهم الجالية الأكثر تواجدا في أوروبا- بعد الأزمة الاقتصادية التي أثرت تداعياتها على المجتمع الأوروبي، الذي صار ينظر للمهاجر بكونه منافسا له على قوت يومه، بعدما كان في الوقت القريب، مساهما رئيسيا في الحركة الاقتصادية للقارة العجوز.

فـي ألمانـيـا.. الـخـتـان الطـبـي جـائـز والـديـنـي مـمـنـوع

أثار القرار المحكمي الذي أصدرته محكمة كولونيا بتجريم عملية ختان الذكور، جدلا كبيرا في الأوساط السياسية والدينية والاجتماعية، إذ اعتبرت الختان الديني على أنه اعتداء على سلامة الجسم، فانقسمت الآراء بين مؤيدين لهذا القرار ومعارضين له، و شخصيا أرى أن الحسم في هذا الموضوع يستلزم وضع الأمور في إطارها الصحيح. فكما هو معلوم يقع ختان الذكور لسببين رئيسيين، إما لسبب طبي أو لسبب ديني: الختان الطبي متداول في ألمانيا وأمريكا ... وفي حالات معينة ينصح به الأطباء ولا أحد يعترض عليه؛ أما الختان الديني فقد أصبح في الآونة الأخيرة محط جدال واسع، لكن الختان هو شعيرة من شعائر الدين الإسلامي ومن خصائصه وهو أيضا رمز للإنتماء الديني، ومنع المسلمين أو اليهود من ممارسة هذه الشعيرة، هو في حقيقة الأمر مس بالحرية الدينية وتقييد لها ولهذا السبب تعمل الحكومة الاتحادية الألمانية على إيجاد حل قانوني سريع يضمن لكل من المسلمين واليهود الحق في إجراء عملية الختان الديني، وفقا لمعايير طبية عالية الجودة وهذا في منظوري الخاص حل جيد جدا ويرضي جميع الأطراف.

17-09-2012

المصدر/ جريدة المساء

بمبادرة من مجلس الجالية المغربية بالخارج٬ شارك اليوم الأحد بالدار البيضاء٬ حوالي ثلاثين فاعلا جمعويا في مجال الهجرة ينحدرون من ألمانيا وبلجيكا وكندا فرنسا والغابون وإيطاليا وهولندا في لقاء مناقشة خصص لبحث عدد من القضايا منها حصيلة وآفاق المجلس.

وأوضح بلاغ لمجلس الجالية المغربية بالخارج أن هذا الاجتماع شكل مناسبة لتقييم حصيلة وآفاق هذا المجلس٬ مضيفا أن اللقاء جرى في جو ديمقراطي وتميز بتبادل صريح لوجهات النظر.

وأبرز البلاغ أن المشاركين ثمنوا بهذه المناسبة مضامين الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في 20 غشت المنصرم٬ والذي شدد فيه جلالته على أهمية تكريس حق مغاربة العالم في مشاركة مواطنة وسياسية٬ وداخل المؤسسات بالممكلة.

كما أشاد الفاعلون الجمعويون أيضا بمبادرة مجلس الجالية المغربية بالخارج تنظيم هذا اللقاء والتي تندرج في إطار تكريس الانفتاح والحوار٬ معبرين عن أملهم في مواصلة إسهاماتهم داخل هذا المجلس حتى يكون قادرا على رفع التحديات بما يخدم بشكل أفضل مصالح مغاربة العالم والمغرب.

وأشار البلاغ إلى أن المشاركين قرروا أيضا إحداث لجنة مكلفة بتتبع الحوار مع مجلس الجالية المغربية بالخارج٬ وذلك في الوقت الذي يعرف فيه المغرب تحت قيادة جلالة الملك إصلاحات مؤسساتية ودستورية هامة.

17-09-2012

المصدر/ وكالة المغرب العربي للأنباء

انعقدت يوم أمس الخميس بمراكش٬ أشغال الدورة ال 14 للمجموعة المشتركة الدائمة المغربية الإسبانية حول الهجرة التي ترأسها كل من الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، الشرقي اضريس، والكاتبة العامة الاسبانية للهجرة، مارينا ديل كورال تيليز .

وخلال هذا الاجتماع٬ الذي انعقد بحضور على الخصوص سفير المغرب بمدريد، أحمد ولد سويلم٬ استعرض الطرفان التعاون الثنائي الممتاز القائم بين البلدين٬ والذي تعزز بعدة آليات للتنسيق وتبادل المعلومات .

وتمت خلال هذا الاجتماع٬ أيضا٬ دراسة التحديات المشتركة التي تواجه الطرفين للتصدي لكل أشكال الجريمة العابرة للحدود٬ وعلى الخصوص المتاجرة في البشر.

وأعرب الجانبان عن عزمهما على معالجة٬ بشكل متوازن٬ المشاكل التي تطرحها ظاهرة الهجرة٬ مؤكدان على ضرورة تشجيع الهجرة الشرعية بالاضافة الى انتقال الأشخاص.

وبخصوص موضوع القاصرين٬ قرر الطرفان منح الامتياز لكل الأعمال الكفيلة بإيلاء العناية لهذه الفئة من المجتمع٬ منوهين بالمستوى الممتاز لعلاقات التعاون والشراكة الوثيقة التي تجمع البلدين٬ كما دعا إليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس .

وبنفس المناسبة٬ نوه الجانب الاسباني بالجهود المبذولة٬ وبشكل دائم٬ من قبل المغرب في مجال محاربة كل أشكال الجريمة العابرة للحدود٬ وعلى الخصوص محاربة الهجرة السرية والمتاجرة في الأشخاص٬ ملاحظا أن النتائج الهامة التي تم تحقيقها في هذا الميدان٬ تجسد جليا الدور الأساسي الذي يلعبه المغرب على مستوى الأمن الإقليمي .

وأوضح الشرقي اضريس في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ بهذه المناسبة٬ أن هذا الاجتماع٬ الذي يندرج في اطار التعاون القائم بين الحكومتين المغربية والاسبانية٬ تمت من خلاله دراسة عدد من النقط المتعلقة بالتعاون الميداني في محاربة الهجرة غير الشرعية٬ وتقييم مستوى الاداء والنتائج المحصل عليها والافاق المستقبلية في هذا الميدان.

وأضاف أن المباحثات انصبت٬ أيضا٬ حول القضايا المرتبطة باليد العاملة المتجهة الى اسبانيا٬ و المشاكل الذي يطرحها القاصرون٬ الغير مرفوقين بأسرهم٬ فضلا عن منح التأشيرة٬ مؤكدا على ضرورة تسهيل المساطر والاجراءات بالنسبة للمواطنين المغاربة للحصول على التأشيرة ٬ ومن بينهم رجال الأعمال والمسؤولين.

ومن جهتها٬ نوهت ديل كورال بالمستوى الممتاز للعلاقات القائمة بين البلدين ٬ مجددة عزم اسبانيا والمغرب العمل على تعزيز أكثر لعلاقاتهما المتينة في هذا المجال.

14-09-2012

المصدر/ وكالة المغرب العربي للأنباء


نظمت جمعية الذاكرة المتوسطية، بتعاون مع مركز الأرشيف الفرنسي ندوة حول الذاكرة الأدبية المغاربية في موضوع: ازدواجية اللغة في الإبداع المغاربي، أو لنتعلم كلام الآخر داخل مجال الإبداع"، حيث تناول المشاركون الإرث الأدبي المغاربي في مختلف أجناسه، إذ رامت الندوة نفض الغبار عن هذا الإرث وإبراز خصوصياته الأدبية في شقيه الفرنكوفوني والعربي... التفاصيل

14-09-2012

المصدر/ جريدة أخبرا اليوم المغربية

لم يكن من المستغرب عقب اندلاع الثورات الشعبية في المنطقة العربية في أوائل عام 2011 أن يظهر العالم أجمع، والغرب على وجه التحديد، شغفا كبيرا لمعرفة المزيد عن التي لا تزال تعتبر «المنطقة العربية المُساء فهمها».

قامت لندن بالتأكيد باستضافة كثير من الفعاليات الثقافية الموجهة للعرب، وشعر المواطنون اللندنيون حقا بالزيادة الكبيرة في مثل هذه الفعاليات، ولكن النقاش لا يزال محتدما حول مدى قدرة اللندنيين، أو الغربيين بشكل عام، على الوصول إلى الثقافة العربية التي تم تبسيطها لتتناسب مع الأذواق الأوروبية والأجنبية.

وفي رده عن هذا السؤال، قام «المركز العربي البريطاني» بتنظيم مهرجان «سفر.. رحلة في السينما العربية الشعبية»، وهو أسبوع لعرض الأفلام العربية. لا يهدف عرض هذه الأفلام إلى دراسة الثقافة العربية من خلال الفن العربي عن طريق وضعها تحت العدسات السياسية المكبرة التي شاهدتها الجماهير كثيرا في الآونة الأخيرة، ولكن هذا المهرجان كان قد تعهد بأن يجلب إلى المملكة المتحدة ذوقا مختلفا من الأفلام التي تبدو بالأساس شعبية، أو ربما تكون ميلودرامية أو ملحمية أو حتى سخيفة ولكنها تعكس تغير الزمن في إطار اجتماعي بصورة أكبر. تغطي هذه الأفلام فترة خمسين عاما، حيث إن القليل منها فقط يرجع تاريخ إنتاجه إلى سنة 2005 وما بعدها، ولكن المهرجان يتضمن أيضا أفلاما كلاسيكية تم إنتاجها في الفترة بين عامي 1960 و1999.

يقول المنظمون: «بالنظر إلى كون كثير من البلدان العربية لا تزال في خضم عملية إعادة هيكلة داخلية سياسيا واجتماعيا، يبدو أن موضوع إعطاء هذه الأفلام منصة للعرض في المملكة المتحدة قد أصبح أكثر إلحاحا من ذي قبل».

أوضح الكاتب المقيم في مدينة ليفربول والمشرف على المهرجان عمر خليف، مدى الحاجة إلى النظر إلى هذه الأفلام من منظور أكثر إنسانية، بدلا من أن يرى المرء شخصيات الأفلام على أنها شخصيات عربية وأجنبية غير موضوعية بداخل وباء سياسي أكبر.

يضيف خليف: «يرجع السبب الرئيسي في كون الأفلام الشعبية شديدة الأهمية في الوقت الراهن إلى حقيقة أن الصورة الوحيدة المنطبعة في الأذهان عن العالم العربي الآن هي تلك الصورة المسيسة بشكل مفرط، لذا نهدف إلى إضفاء «اللمسة الإنسانية» على هذه الصورة وتوصيلها إلى المشاهدين الأجانب. أعتقد أن السينما هي شكل من أشكال الفن التي تهدف إلى الوصول إلى العامة عن طريق استخدام امتيازات القرنين العشرين والحادي والعشرين، والتي توفر ستارا يمكن أن يرتبط به القراءات الجديدة للثقافة العربية المعربة».

وبالإضافة إلى التركيز على الإنتاج الثقافي المصري، باعتباره مركزا تاريخيا للسينما العربية، يتضمن برنامج المهرجان أيضا بعض الأفلام اللبنانية والأردنية. ومن بين الأفلام المعروضة في المهرجان يأتي فيلم «عمارة يعقوبيان»، المأخوذ عن قصة تحمل نفس الاسم للمؤلف علاء الأسواني. الفيلم من بطولة عادل إمام وهند صبري ويسرا وغيرهم كثير من نجوم السينما المصرية.

يتناول هذا الفيلم، الذي تم إنتاجه في عام 2006 وتصل مدة عرضه إلى ما يقارب الثلاث ساعات، قضايا معقدة متعلقة بالفساد والجنس والأصولية، وينظر إليه على أنه قصة ملحمية حول الثقافة الاجتماعية المعاصرة في مصر. أدت الشعبية الكبيرة التي حظي بها الفيلم إلى اعتباره أحد الأفلام الحديثة التي تسد الهوة بين الجماهير الإقليمية والدولية.

أما الفيلم الذي يبرز الأهداف الحقيقية التي يرمي إليها المهرجان فهو الفيلم المصري «إسكندرية ليه» من تأليف وإخراج المخرج المصري الشهير الراحل يوسف شاهين، وبطولة محسن محيي الدين وفريد شوقي وأحمد زكي وتم إنتاجه في عام 1978. وبينما يصف المنظمون هذا الفيلم على أنه أكثر أفلام شاهين «التي أحبها الجمهور»، يعكس استعراضا للفيلم نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في عام 1979 رأيا مختلفا، حيث وصفت الصحيفة الفيلم على أنه «فوضى مبتذلة حاولت صهر الكليشيهات الخاصة بالسينما الشعبية في نوع من الملحمة الشعبية». تمضي الجريدة في وصف الفيلم بأنه «غير قابل للتصديق» و«لا مبرر له».

لم يلق هذا الفيلم الرائع، الذي تقع أحداثه في العالم العربي خلال الحرب العالمية الثانية، رواجا كبيرا في الولايات المتحدة الأميركية، على الرغم من هذه الصورة السينمائية الغنائية التي تشبه السيرة الذاتية والقريبة من ذلك النوع من الأفلام الموسيقية التي تنتجها هوليوود، التي كان لها تأثير بارز على السينما المصرية، التي يطلق عليها «هوليوود النيل».

ولكن الأشخاص الأكثر دراية بالسينما العربية بشكل عام قد يكونون أكثر حماسة، عندما يعرفون أن بعض الأفلام الكلاسيكية المفضلة، مثل الفيلم الكوميدي «الإرهاب والكباب» للفنان عادل إمام، الذي تم إنتاجه في عام 1993 ويحكي عن بعض المشاكل البيروقراطية، وفيلم «خللي بالك من زوزو» لمحبوبة الجماهير المصرية سعاد حسنى، الذي يحكي عن مغامرات راقصة شرقية، وتم إنتاجه في عام 1971، فضلا عن الفيلم الأبيض والأسود «البداية والنهاية» المأخوذ عن رواية الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ ومن بطولة عمر الشريف وإخراج مخرج الواقعية الكبير صلاح أبو سيف سوف تكون من بين الأفلام التي سيتم عرضها في المهرجان.

يتضمن المهرجان أيضا كثيرا من الندوات والمناقشات، بعضها سيكون أكاديميا بشكل كبير مع وجود بعض الخبراء في هذا المجال مثل فيولا شفيق، مؤلفة كتاب «السينما العربية: تاريخ وهوية ثقافية»، والدكتورة دينا مطر، رئيس مركز الدراسات الإعلامية والسينمائية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية، ومنى ديلي، المدير المؤسس لهيئة برمجة الأفلام والفنون في شركة «زينث». أما جلسات الحوار والندوات الأخرى فسوف يحضرها بعض من أشهر الممثلين السينمائيين، مثل الممثل المصري حسين فهمي والممثل الأردني نديم صوالحة. سوف تجري فعاليات مهرجان «سفر.. رحلة في السينما العربية الشعبية» في «معهد لندن للفن المعاصر» في الفترة بين 21 - 27 من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري.

14-09-2012

المصدر/ جريدة الشرق الأوسط

في مدرسة يوهانيس يحصل التلاميذ - مسيحيون ومسلمون ويهود - على دروس في المواد الخاصة بدينهم. ويهدف هذا النموذج المدرسي الأول من نوعه في ألمانيا إلى تقوية مواقف التسامح والاحترام المتبادل بين العقائد الثلاث.

بفخر واعتزاز وقف 22 طفلا أمام "مدرسة ثلاثة أديان" في مدينة أوسنابروك. إنه اليوم الأول للدخول المدرسي لأطفال مسيحيين ومسلمين ويهود. ولا غرابة في ذلك. فهم يدرسون هناك جميعا، جنبا الى جنب، اللغة الألمانية والرياضيات والموسيقى والمواد العلمية، أما بالنسبة للدروس الدينية فلكل مجموعة دينية معلمها الخاص بها. وإضافة إلى ذلك يشارك التلاميذ في دروس تعليمية مشتركة تهدف إلى التعريف بالأديان المختلفة وبشعائرها. في هذه المدرسة تؤخذ الأعياد الدينية للعقائد الثلاث بعين الاعتبار. فخلال شهر رمضان مثلا يتم التخلي عن الاحتفالات داخل الأقسام. وفي يوم كبور (الغفران) اليهودي لا يأتي الأطفال اليهود للدرس. وبالنسبة للمسؤول عن المدارس المسيحية في منطقة أوسنابروك Winfried Verburg   فإن الهدف هو "أن يحافظ التلاميذ و التلميذات على خصوصية الحوار الديني بينهم وأن يكونوا عن وعي بعقيدتهم وأن ينهجوا مواقف الاحترام و التسامح تجاه الآخرين".

بين الترحيب والرفض السياسي

جاءت فكرة مشروع مدرسة الأديان الثلاثة بالصدفة. ففي السنوات الأخيرة تراجع عدد التلاميذ الكاثوليك المسجلين بمدرسة يوهانس المسيحية الكاثوليكية في أوسنابروك. وحسب قوانين الولاية فيجب ألا يتعدى عدد التلاميذ غير الكاثوليك بالمدرسة نسبة 30 بالمائة. وبسبب وجود علاقات جيدة مع الجاليات المسلمة و اليهودية بالمنطقة جاءت فكرة تدريس الأديان الثلاثة في المدرسة. ويقوم مجلس استشاري يمثل الأديان الثلاثة باتخاذ القرارات المهمة الخاصة بالقضايا التربوية. في البداية كان هناك أخذ و رد بهذا الشأن حيث رفض جزء من حزب الخضر و الحزب الاشتراكي الديمقراطي هذا النموذج المدرسي من منطلق أن عملية الاندماج تتم بالأساس في المدارس الحكومية التي يوجد بها عدد لا بأس به من أبناء وبنات المهاجرين.

رموز إسلامية ويهودية و مسيحية في المدرسة

في الماضي كان الصليب هو الرمز الديني الوحيد بمدرسة يوهانس. غير أن ذلك سيتغير خلال الأسابيع المقبلة. ففي إطار الحوار بين الأديان سيتم تعليق رموز أخرى مثل الهلال الإسلامي أو الشمعدان اليهودي بسبعة فروع. وتريد معلمة مادة التربية الإسلامية توضيح خلفية هذه الرموز خلال درسها الأول للتلاميذ. أثناء الدرس تضع المعلمة غطاء على رأسها للإشارة إلى الحجاب مثل زميلها اليهودي الذي يلبس قبعته الدينية. وتضيف المعلمة قائلة: " إني أهتم في دروسي بالتأكيد على التوازي القائم في الديانات السماوية." و تشير المعلمة إلى أن الخلفيات الكثيرة التي ينحدر منها التلاميذ المسلمون الثمانية بالقسم تشكل تحديا بالنسبة لها، حيث يختلف مستوى معرفتهم بالإسلام لأنهم ينحدرون من تركيا واندونيسيا ومن بلدان عربية مختلفة وأيضا من ألمانيا.

التسامح والفرائض الدينية

غير أن عدد التلاميذ اليهود في هذه المدرسة ليس بأكثر من تلميذين. ويعتقد معلم مادة اليهودية سيباستيان روبراك وهو في الأربعين من العمر أن "هذا العدد القليل يمكنه من التركيز على رعاية التلميذين بشكل أفضل". ورغم ذلك فهو لا يود المبالغة عند الحديث عن هذا النموذج التعليمي الوحيد من نوعه في ألمانيا، حيث يرى وجود بعض المشاكل التي لا يمكن تفاديها دائما في الحياة اليومية للتلاميذ بالمدرسة، مثل وجبات الأكل الجماعية في الظهر. ويشير في ذلك إلى الفوارق في أنظمة الأكل المرتبطة بهذا الدين أو ذاك. فمثلا يريد اليهود الأكل من طبق زجاجي حتى يكون هناك توافق مع الشريعة اليهودية، كما تم بطلب المسلمين التخلي عن إشعال الشمع خلال الحفلة الافتتاحية للمدرسة.

ويبدو أن هذه الفوارق لا تؤثر على موقف أولياء التلاميذ. فأم التلميذة اليهودية راحل مسرورة بوجود بنتها بهذه المدرسة المتعددة الأديان حيث يمكن لها " أن تعيش هويتها الدينية بشكل منفتح على الآخرين" كما تؤكد الأم. أما بالنسبة للأب المسلم فإنه يأمل في أن تتعلم بنته "أن كل الناس متساوون كيفما كان دينهم". و بالنسبة للأب الكاثوليكي فإنه "يريد الاستفادة مما سيتعلمه إبنه عن الأديان والعقائد المختلفة".

14-09-2012

المصدر/ شبكة دوتش فيله

Google+ Google+